قال العالم: اعترف بذنبك، وارجع إلى ربك، واندم على فعلك، ولا تستقل القليل، ولا تنم الليل الطويل، فإن أظلم الناس من ظلم نفسه، وأضيع الناس من ضيع يومه وأمسه، وأسرق الناس من سرق من صلاته، وأبخل الناس من امتن بزكاته، أذل الناس من أساء عمله في خلواته، أجلد الناس من غلب شهواته، أغفل الناس من ضيع حياته، أندم الناس من عطل ساعاته، أقوى الناس من مات على التوبة، رأس مالك في الدنيا الطاعة، التقى أفضل بضاعة، من أمل الله أعطاه، من سأل الله بلغه سؤله ومناه، أسلم الناس من خمل ذكره، وكثر شكره، من رضي بالقضاء، سلا عما مضى، كيف لا يهتم ولا يغتم ؟! من لا يدري العمل بما يختم، كيف يهناه رقاده ؟! كيف يتوسد وساده ؟! كيف يسكن نفسه وفؤاده ؟! وهو لا يدري أمن أهل الشقاوة أم من أهل السعادة ؟! ( كيف يسكن إلى الدار والجار ؟! ويقر به القرار ؟! ويأكل في الليل والنهار ؟ من هو موعود بعذاب النار، وغضب الجبار ).
[قال الوافد: ما أعمل كي أنجو من النار] ؟
قال العالم: لا تقصر في عمل الأخيار، ولا تسلك سبيل الفجار، ولا تكسب الأوزار، وأطع ربك في الليل والنهار، ( ولاتأمن فتغتبن، ولا تجمع فتفتتن )، تجوع ولا تشبع، وتورع ولا تطمع، وخف واحزن، فمنزلك القبر وثوبك الكفن، كيف يلهو بالملاهي ؟! من بين يديه الدواهي، كيف يكتسب الآثام ؟! من وكل به الملائكة الكرام، وكيف يضحك ويفرح ؟! من عليه غدا يصرخ ؟! وللدود والهوآم يطرح، كيف يفرح ويستر ؟! من يموت ويقبر.
পৃষ্ঠা ৩০২