[الندم والتوبة]
قال الوافد: كنا صبيانا فلعبنا، فصرنا شبابا فسكرنا، فصرنا كهولا فكسلنا، فصرنا شيوخا فعجزنا وضعفنا، فمتى نعبد الله ربنا، عطلنا الشباب بالجهالة، وأذهبنا العمر في البطالة، فأين الحجة والدلالة ؟
قال العالم: من غفل في وقت شبابه، ندم في وقت خضابه، الشباب لا يصبر على الصواب، ويندم عند الخضاب، ما أحسن الشاب في المحراب! إلى متى العصيان ؟ إلى متى متابعة الشيطان ؟ إلى متى الجرأة على الرحمن ؟ ألا تحذر لباس القطران ، وتهدد مالك الغضبان، وضرب الزبانية والأعوان، ألا تفر من اليوم الفاني، إلى اليوم الباقي، ألا تتزود من هذا اليوم لذلك اليوم، وتتخلص من الهوان واللوم.
أيها المغرور بشبابه، والمسرور بأصحابه، والمختال في أثوابه، أما تحذر أليم عذابه، وتخاف شديد عقابه، كم من وجه صبيح، وخد مليح، وبدن صحيح، ولسان فصيح، أصبح في العذاب يصيح، بين أطباق النار لا يستريح.
كم من شاب ينتظر المشيب، عاجله الموت وأحل به النحيب، كم من مسرور بشبابه، عاجله الموت من بين أحبابه، إلى قبره وترابه.
أيها الشاب الجهول، إنك في التراب منقول، وعلى النعش محمول، وعن أعمالك مسئول. مالك لا ترجع ؟! مالك لا تفزع ؟! مالك لا تخضع ؟! مالك لا تخشع ؟! آه من يوم يقول فيه المولى: عبدي شبابك فيم أبليته ؟! وعمرك فيما أفنيته ؟! فلا تنظر إلى الشباب وطراوته، ولا تغتر بحسنه وملاحته، ولكن انظر إلى صرعته وندامته.
ما أحسن الإياب بالشاب! وما أقبح الخضاب لمن قد شاب وما تاب! ما بقاء الشيخ في الدهر، إلا كبقاء الشمس على القصر، في وقت العصر. الشيب داعي الموت، وناعي الفوت، الشيب يؤذن بالفراق، ويخبر بالتلاق، الشيب ظاهره وقار، وباطنه ازدجار، الشيب يكدر المنى، ويكثر العناء، الشيب كسل في كسل، وعلل في علل، وملل في ملل، وخلل في خلل، وآخره كلل، وتقريب الأجل، وقطع الأمل.
পৃষ্ঠা ২৮৬