[الورع]
قال الوافد: صف لي محض الورع ؟
قال العالم: لن تنال الورع، إلا بكثرة الخوف والفزع، واختيار الجوع على الشبع، وترك الشهوات والطمع، [فإن فعلت زكى لبك]، وصفا عند ذلك قلبك، ونلت لذيذ السهر والقيام، وقربت من ذي الجلال والإكرام، وملكت نفسك، ووافقت أنسك ، ورضي عنك الرب، وغفر لك الذنب.
واعلم أنك لا تنال من الله البر والسلامة، إلا بالصبر والإستقامة، ولا تنال حقائق الرجاء، إلا بالإنقطاع إلى الله والإلتجاء، ولا تنال الكرم والتفضل، إلا بالندم والتذلل، ولا تنال الراحة، إلا بترك الراحة وكثرة البكاء والنياحة، ولا تنال الولاية، إلا بالحراسة والعناية، ولا تنال مجاورة الأبرار في دار القرار، إلا بترك الأوزار، ولا يخشع القلب ويلين، إلا بتفكر وتبيين، ولا تنال الخوف، إلا بترك عسى وسوف، ولا تنال الإتصال، إلا بإهمال الإشتغال، ولا ينقى القلب، مع بقاء شيء من الذنب، ولا تدرك صفاء الفهم، وفي قلبك من الدنيا هم، ولا يزول عنك الهم، ما دام لك في الدنيا خصم، من أنفق مما يحب، فهو حقا المحب، من ترك ما كان يألف، دخل الجنة وثوابه مضاعف، من عمل بما أقول، شفع له الرسول، من عمل بغير ما أقول، لم يكن عمله مقبول، من لم يندم على معصيته، أخذته زبانية النار بناصيته، من قصر في الطاعات، حرم الصالحات، من نافس في الخيرات، ارتقى في أعلا الدرجات، من اغتر بالليل فجع بالنهار، ومن سهى بالنهار فجع بالليل، من ركب الظن، غبن أي غبن، من ركب فرس الأماني، عثر في ميدان التواني، التاجر برأس مال غيره مفلس.
পৃষ্ঠা ২৮৩