قال العالم: صاحب اليقين يعلم أن العلم متصل بالنية، فكلما خطر خاطر في قلبه، علم أن الله قد علمه فيلحقه الخوف، ويبادر بالتوبة قبل أن يعمل الذنب، فتوبته مقبولة، وذنبه غير مكتوب، وإنما يكتب ذنبه لو أصر عليه ولم يتب منه.
قال الوافد: فما وراء ذلك يرحمك الله ؟
قال العالم: الإخلاص في الدين، وهو في القول والعمل والإعتقاد، قول خير، وعمل خير، واعتقاد خير، أما سمعت ما قال الله تعالى: { ألا لله الدين الخالص } [الزمر: 3].
قال الوافد: بين لي ذلك يرحمك الله ؟
قال العالم: هو أن يعلم العبد أنه بين يدي الله عز وجل، يراه ويسمع كلامه، ويعلم ما في نفسه، فيجعله أمله، وتكون الطاعة عمله، ولا يغيب عن مشاهدته، ولا يزول إلى معاندته، زالت الدنيا من عينه، وتعلقت الآخرة في قلبه، فقيامه طاعة، وقوله نفاعة، وكلامه ذكر، وسكوته فكر، قد قطع قوله بعمله، وقطع أمله بأجله، وخرج من الشك إلى اليقين، فقلبه وجل، ودمعه عجل، وصوته ضعيف، وكلامه لطيف، وثقله خفيف، وحركته إحسان، وتقلبه إيمان، وسكوته أمان.
قال الوافد: فما وراء ذلك يرحمك الله ؟
قال العالم: حب الحق، وبغض الباطل، وحب من أطاع الله قريبا كان أو بعيدا، وبغض من عصى الله قريبا كان أو بعيدا، فإن حب الباطل يدخل النار، وحب من أحب الله قريبا كان أو بعيدا يدخل الجنة.
قال الوافد: كيف أحب من أطاع الله قريبا كان أو بعيدا ؟
قال العالم: يسوؤك ما يسوءه، ويضرك مايضره، ويسرك ما يسره، وتدخل السرور عليه، فإن كان أعلم منك تعلمت منه، وإن كنت أعلم منه فعلمه، وحفظته في محضره ومغيبه، وواسيته وأعنته، ورعيت صحبته، وجعلت ذلك لله وفي الله، ولا يكون في ذلك من ولا أذى.
قال الوافد: فما وراء ذلك يرحمك الله ؟
قال العالم: الحياء من الله.
قال الوافد: بينه لي ؟
قال العالم: ذلك على ثلاثة وجوه:
পৃষ্ঠা ২৭২