(1) الظروف الطبيعية
يمتد الإقليم القطبي وإقليم العروض العليا في الاتحاد السوفيتي من حدود فنلندا في الغرب عند إقليم كارليا إلى كمتشكا في الشرق، وتتنوع الظروف العامة في هذا الإقليم الطويل تنوعا واسعا في المنظر العام والصفات الطبيعية.
فإقليم كارليا لا يختلف كثيرا عن فنلندا من حيث كونه جزءا من الرصيف الروسي القديم التكوين من الصخور البلورية، ولا يرتفع إلى أكثر من 500 متر إلا في أحوال نادرة، وأثرت عليه التعرية الجليدية تأثيرا واضحا، وتنتشر فوقه البحيرات الكثيرة التي وصلت ببعض بواسطة الأنهار التي أقيمت عليها محطات توليد الطاقة، وإلى الشمال من كارليا تمتد شبه جزيرة كولا التي ترتفع فوقها سلسلة جبال خيبيني إلى 1300 متر والغنية بالثروة المعدنية، والساحل الشمالي لشبه الجزيرة مليء بالفيوردات، وأهمها الفيورد الذي يقع عليه ميناء مورمانسك، أما بقية السواحل القطبية فهي منخفضة مليئة بالمستنقعات.
وفيما بين كارليا وكولا من ناحية وجبال الأورال من ناحية أخرى يمتد إقليم سهلي مستنقعي غالبا، مكون من الصخور الرسوبية التي أثرت عليها التعرية الجليدية، والنظام النهري في هذا الإقليم يتكون من نهري ديفينا الشمالي وبتشورا، وتفصل بينهما سلسلة جبال تيمان المنخفضة، وتمتد المنطقة الشمالية من جبال الأورال شمالا إلى جزر نوفايازمليا.
وفيما بين الأورال وهضبة سيبيريا الوسطى يمتد سهل واسع مستنقعي يكاد لا توجد فيه مظاهر طبيعية متغيرة تكسر حدة التشابه، ومثل هذا السهل نظيره قليل في العالم، وقد لا تكون من الإرسابات النهرية والجليدية الحديثة، ويسيطر نهر الأوب-أيرتش على تصريف هذا السهل، وإن كان هذا التصريف ليس كاملا، فانحدارات هذا النهر ضعيفة جدا، ومن ثم فإن بطء التيار قد أدى إلى انحناءات كثيرة - مياندر - في مجرى النهر تؤدي إلى انسداد المجرى بالرسوبات خاصة في موسم الفيضان الربيعي، ونتيجة لذلك كله، تحولت المنطقة بما فيها من مجاري نهرية إلى ما يشبه مستنقعا واحدا ضخم المساحة، ومن ثم فإن الملاحة النهرية غير ممكنة عمليا إلا في المجاري العليا.
أما نهر الينسي فإنه يسير موازيا لحافة الهضبة السيبيرية الوسطى وهو بذلك يسير في مجرى شبه مستقيم، ومن ثم فإنه أكثر قيمة من الأوب في الملاحة والنقل، وخاصة لوجود الأخشاب الجيدة في هذا الإقليم من سيبيريا الوسطى، وينتهي الينسي إلى بحر كارا كالأوب، وهو - بالمقارنة بالبحار التي توجد شرق شبه جزيرة تايمير - يعتبر بحرا خاليا من الجليد خلال شهري الصيف.
ويكون نهر الينسي خط تقسيم هام في الشمال السوفيتي، فإلى الغرب منه سهول لا يعتريها الصقيع الدائم - برمافروست ، ولكن السطح مكون من صخور لينة مشبع بالرطوبة، وإلى الشرق من الينسي تمتد هضاب سيبيريا المكونة من الصخور الصلبة، قطعتها أودية الأنهار العميقة، وهي منطقة البرمافروست الرئيسية، وتتميز بنقص في الرطوبة، وهذا الجزء الشرقي يمكن أن يقسم إلى قسمين بواسطة مسار نهر لينا.
وتمتد الهضبة السيبيرية الوسطى بين الينسي ولينا متكونة من صخور صلبة وتكوينات لافا سميكة، وترتفع في المتوسط إلى 700 متر، وتقطع أودية الأنهار سطح الهضبة فيما يشبه الخوانق - كانيون، وإلى الشرق من مدينة المعادن نوريلسك تبدأ سلسلة جبال بوتوراما لترتفع إلى حوالي 2000 متر، والانحدار العام لهضبة سيبيريا الوسطى هو انحدار تدريجي إلى الشرق نحو السهل الفيضي لنظام لينا النهري.
ونهر لينا واحد من الأنهار الطويلة في الاتحاد السوفيتي، لكنه يتجمد من أكتوبر إلى يونيو وينتهي إلى بحر لابتف المتجمد بدلتا واسعة تغطيها الثلوج كثيرا حتى الصيف، ونظرا لأن مسار لينا يقع كله في منطقة الصقيع الدائم فإن فيضان الربيع يؤدي إلى سرعة كبيرة في تيار النهر مما يؤدي إلى كوارث كثيرة.
وفيما بين لينا والباسيفيك يتغير المنظر الطبيعي تماما، فالمنطقة تتكون من جبال ألبية حديثة شديدة الوعورة والتضرس ترتفع إلى أعلى من 3000 متر في أحيان كثيرة، وليس لهذه الجبال اتجاهات ثابتة بل هناك عشرات الاتجاهات مما يجعل المنطقة صعبة الاختراق، وتصرف عدة أنهار من المنطقة، أهمها كوليما وأنديجركا اللذان ينتهيان إلى السهول المستنقعية، في الشمال الشرقي من سيبيريا، وهنا تتدافع الكتل الجليدية بكثرة مما يجعل الملاحة في هذا الجزء من الساحل الشمالي شديدة الخطورة، وأخيرا فإن شبه جزيرة كمتشكا تكون عالما فريدا في الاتحاد السوفيتي فهي مليئة بالبراكين - أعلاها كلوشفسكايا سوبكا +5500 متر - والينابيع الحارة والنافورات الساخنة التي بدئ في استغلال طاقتها الحرارية في الجنوب، وهي في الواقع جزء من حلقة الباسيفيكي التي تتعرض للبراكين والزلازل بشدة. (1-1) المناخ
অজানা পৃষ্ঠা