وتقوم صناعة السمن الصناعي على الزيوت النباتية المنتجة في السويد - التي تقدم لها الحكومة الكثير من المعونات للإبقاء على زراعتها في محاولة للاكتفاء الذاتي، ويوجد عشرون مصنعا متخصصا في هذه الصناعة منتشرة في الجنوب والوسط، أكبرها تلك الموجودة في نوركوبنج وكالمار، وتشرف الدولة على إنتاج وتسعير هذه الزيوت النباتية لكيلا تنافس الزبد الطبيعية، وأخيرا فإن صناعة النشا والكحول تكاد تتركز في الجنوب حيث يزرع البطاطس، بالإضافة إلى استخدام خامات أخرى - إضافة السكر إلى السلفات الناجمة عن مخلفات مصانع العجائن في نورلاند، أما صناعة السجائر وغيرها من منتجات التبغ فاحتكار للحكومة منذ عام 1914، وتوجد هذه الصناعة في مدينة مالمو، وتعتمد على التبغ المستورد بعد أن توقفت زراعته في شرق سكانيا منذ فترة.
وتقوم صناعة الأسمنت - التي أنشئت قرب مالمو عام 1873 - على الموارد المحلية من الصخور الجيرية، وبالرغم من انتشار معامل الأسمنت في وسط وشرق السويد إلا أن الجنوب لا يزال يسيطر على حوالي نصف عدد المصانع، ولا شك أن إنشاء معامل الأسمنت في وسط وشرق السويد يرجع إلى الرغبة في تخفيف أعباء النقل من الجنوب إلى مناطق الاستهلاك الكبيرة في الوسط. (7-8) النقل والمواصلات
في خلال عصر ما قبل الصناعة كانت هناك شبكة من الطرق المحلية الممتدة بين المدن والقرى المتجاورة وعدد قليل من الطرق الرئيسية، وهذه كلها لم تكن ملائمة للنقل الثقيل، لكن كان لا بد من نقل قضبان الحديد المنتجة في برجسلاجن إلى الموانئ لتصديرها، وكانت غالبية حركة نقل الحديد تحدث في الشتاء باستخدام زحافات الجليد، ولإمكان عبور الأنهار والبحيرات المتجمدة سطوحها دون الحاجة إلى اللف والدوران حولها، وكان من المعتاد أن تقل كمية الحديد المنقولة للتصدير إذا كان الشتاء قليل الثلوج، وكذلك كان الحال بالنسبة للفحم النباتي.
أما في الصيف والربيع فكانت السلع الثقيلة تلجأ إلى وسائل النقل المائي في البحيرات والأنهار الملاحية، وفي أواخر القرن الثامن عشر، وأوائل القرن التاسع عشر تطورت معارف بناء الأهوسة على الأنهار لتعديل مستويات المياه في مناطق الانحدارات الكبيرة، وتمكين الملاحة بهذه الطريقة من الاستمرار في الداخل، وبناء على هذا بدأ عهد القنوات في السويد، ففتحت قناة ترولهاتيه للملاحة سنة 1800 مما سهل الملاحة ونقل قضبان الحديد عبر بحيرة فينرن ونهر جوتا ألف إلى ميناء جوتبورج، كما أدت إلى تحسين شامل ومباشر لاقتصاديات إقليم بحيرة فينرن - خاصة بعد نقل الأخشاب على هذا الطريق المائي أيضا، وفي عام 1832 افتتحت قناة جوتا بين البلطيق وبحيرة فينرن عبر بحيرة فيترن، لكن كثرة الأهوسة في مسافات قصيرة، وضيق القناة لم يجعلا لهذا الطريق المائي أهمية تجارية حقيقية، كذلك أنشئت عدة قنوات صغيرة بين بحيرات وسط السويد، خاصة من أجل صناعة الحديد والصلب، وباستثناء قناة ترولهاتيه التي وسعت أهوستها مرة في عام 1844 ومرة أخرى عام 1916، وقناة سودرتالي
Soedertalje
بين البلطيق وبحيرة مالرن، فإن بقية قنوات السويد غير مفيدة تجاريا مما أدى إلى إقفال بعضها، أو استخدامها للسياحة وأغراض النزهة.
وقد بدأ عهد السكك الحديدية في صورة عربات الخيول التي تجري على القضبان في منطقة مناجم برجسلاجن بين البحيرات لتجنب النقل البري العادي لهذه السلع الثقيلة، ثم يعاد النقل على القوارب، ومن أمثلة ذلك طريق ينجن-دالاجرنسن في فيرملاند الذي كان يتكون من خمس عشرة بحيرة وأحد عشر جزءا من الطريق الحديدي بالمعنى السابق ذكره - تربط بين البحيرات، ولهذا كان الحديد ينقل ويفرغ 25 مرة قبل أن يشحن على سفن بحيرة فينرن عند كريستيانهامن.
وفي عام 1853 وافق البرلمان السويدي على منح امتيازات إنشاء خطوط حديد الدولة، ولكن تنظيم مناطق السكك الحديدية كان قد راعى في البداية ألا تنافس هذه الطرق الجديدة مسارات القنوات والأنهار، بل تعبرها وتتعامد عليها، ولا شك أن ذلك نتيجة المنافسة التي كانت قائمة بين النقل المائي الداخلي والنقل الحديدي الجديد خلال القرن التاسع عشر، وكان على الطرق الحديدية ألا تمر في المناطق الكثيفة السكان، بل تمر في مناطق السكن كوسيلة من وسائل تعمير تلك الأراضي وإدخالها في دائرة النشاطات الاقتصادية الحديثة، ولأسباب عسكرية أبعدت الخطوط الحديدية عن المناطق الساحلية، وعلى هذا نجد الخط الرئيسي بين استوكهولم وجوتبورج لا يمر بالسهول الوسطى الكثيفة السكان والكثيرة القنوات، بل يمر في مناطق الهضبة الفقيرة الممتدة جنوبي البحيرات، وكذلك يمر الخط الرئيسي بين استوكهولم ومالمو عبر هضبة سمالاند الفقيرة والقليلة الزراعة، وعلى هذا نشأت مدن مزدوجة على أبعاد من بعضها: القديمة بعيدة عن الخط الحديدي، والحديثة تقع على مسار ذلك الخط، وقد أدى ذلك إلى كساد وتدهور المدن القديمة بينما ازدهرت المدن الحديثة بنشأة الصناعة فيها، مثال ذلك مدن أيسلوف وهزلهولم والفستا وهي مدن جديدة تقع على المسار الرئيسي للخط الحديدي الجنوبي في مقابل المدن القديمة: هيربي ، كريستيانستاد، فاكسيو، ولا شك أن ذلك قد أضر كثيرا بالنمو الطبيعي للسويد في تلك الفترة، وإن كان مرور الخطوط الحديدية في الأراضي الجديدة يعتبر توجيها اقتصاديا جيدا إذا كانت الأراضي التي سيمر فيها هذا الخط صالحة لاستغلال جيد وليس مجرد استغلال هامشي، أما خطوط حديد نورلاند فقد أنشئت بمحاذاة الساحل، وعلى بعد حوالي خمسين كيلومترا منه، بحيث تمتد خطوط فرعية من الخط الرئيسي إلى موانئ ومدن بوثنيا.
وقد بدأ تشغيل الخطوط الحديدية في السويد عام 1855 على طريق قصير في منطقة التعدين في إقليم فيرملاند، وفي 1856 بدأت أجزاء من خط استوكهولم- جوتبورج، ومالمو في العمل، وفي 1900 كانت أطوال الخطوط الحديدية قد وصلت إلى عشرة آلاف كيلومتر، ووصلت في 1937 إلى 17 ألف كم بعد إتمام الخط الشمالي الداخلي (جيلفار-بحيرة فينرن) الذي يجري في مناطق بكر، وسكن بشري نادر، وقد استمر بناء هذا الخط نصف قرن كامل، ذلك لأن رأس المال السويدي لم يكن كافيا لتمويله طوال الوقت، وكان لا بد من عقد قروض بشأنه مع بريطانيا.
وقد بنيت خطوط الدولة على أساس المقياس الدولي العادي، لكن في الفترة بين 1870-1890 منحت شركات صغيرة عدة امتيازات، فبنت خطوطا حديدية ضيقة لكي تختصر في رأس المال المستثمر، لكن النتيجة النهائية أن النقل على هذه الخطوط أصبح أكثر كلفة نظرا لتكاليف إعادة الشحن من الخطوط الدولية إلى الضيقة، وتدريجيا أصبح استخدام هذه الطرق غير اقتصادي فهجرت، وفي عام 1880 كانت الدولة تمتلك نحو 33٪ من أطوال الخطوط الموجودة، ولكن منذ الثلاثينيات أممت الدولة كل الخطوط الحديدية.
অজানা পৃষ্ঠা