সীরাতের পার্শ্ববর্তী

তাহা হুসেইন d. 1392 AH
127

সীরাতের পার্শ্ববর্তী

على هامش السيرة

জনগুলি

الفصل الخامس

نادي الشياطين

أطبق على الفضاء العريض ليل عريض، تكاثفت ظلماته وركب بعضها بعضا، حتى لتوشك الأيدي أن تلمسها، وحتى لتعجز أضواء النجوم أن تنفذ من بعضها، وحتى لو رآها الناس لأنكروها، ولقال بعضهم لبعض: هذا آخر ليل تعرفه الأرض، أو هذا هو الليل الأبدي الذي لن تخرج الأرض منه ولن يمسها بعده الضوء. ولكن الناس لم يروا مثل هذا الليل العميق الكثيف شيئا، وإنما رأوا ليلهم كما تعودوا أن يروه، يترقرق فيه ضوء القمر، وتتألق فيه أشعة النجوم. ثم كأن عمق هذا الليل وكثافته لم يكفيا ليحجبا السماء عن ذلك الفضاء العريض، فإذا قطع من السحاب تقبل من كل صوب في زمجرة وزئير حتى تلتقي وتنعقد، فتضيف عمقا إلى عمق، وكثافة إلى كثافة، وكأن الأسباب قد قطعت في هذا الردح من الزمان بين الأرض والسماء.

في هذا الفضاء العريض القاتم الذي لا تستطيع لغة الناس أن تصف سعته وظلمته، جلس إبليس لأعوانه ومشيريه من الشياطين. وما هي إلا أن أقبلوا إليه خفافا لطافا، كأنما كان يحملهم نسيم من نار مظلمة. فلما انتهوا إليه وأطافوا به قال لهم في صوت خفي: «لقد علمتم ما ألم بهذه الأرض من خطب، وما نزل بأهلها من حدث، وما كان من تحولهم عما ألفنا منهم منذ قرون، فأشيروا.»

قالوا: «تكبرت أن نشير عليك، وإنما منك الأمر وعلينا الطاعة.»

قال مستخذيا: «ما غمضت علي الأمور قط كما غمضت علي الآن. وما عميت علي الأنباء قط كما عميت علي الآن. وما عودتكم أن أسألكم عن شيء أو أستشيركم في شيء. ولولا أن الغيب قد حجب عني لأول مرة ما دعوتكم ولا استشرتكم.»

قالوا: «تكبرت! لئن حدب الغيب عنك لهو أحرى أن يحجب عنا. وإنا منذ الليلة لفي ظلمة دامسة لم نعهد مثلها قط، وإنا لنتحدث فما تكاد أصواتنا تبلغنا. ولولا أنك كبير في نفوسنا لأشفقنا ألا تبلغك أصواتنا.»

قال: «لا تراعوا ولا يخرجكم الفزع عن أطواركم! فإن أصواتكم تبلغني كما يبلغكم صوتي. وما هذه الظلمة الدامسة إلا من عملي وكيدي. فقد ألقي في روعي أن من الخطر كل الخطر أن نتشاور أو ندير أمرنا بيننا دون أن نقيم بيننا وبين السماء حجبا كثافا.»

قالوا: «تكبرت أن يرد عليك رأي أو يخالف لك عن أمر! فقل نستمع، وادع نستجب، ومر ننفذ إلى طاعتك أسرع مما تنفذ السهام إلى رميتها.»

قال: «على رسلكم حتى يثوب إلي الرسل الذين بثثتهم في أقطار الأرض، وبعثتهم في أجواز السماء ليعلموا لي علم هذا الخطب. فما أرى إلا أن حادثا عظيما محدق بالأرض وسكانها.» وما أتم إبليس هذه الجملة من حديثه حتى جعل شرر دقيق سريع ينفذ من هذه الظلمات المتكاثفة في قوة، ويتبع بعضه بعضا في عنف وازدحام، يأتي من كل وجه، ويقبل من كل صوب، حتى ريع الشياطين، وخيل إليهم أن السماء تمطرهم نارا.

অজানা পৃষ্ঠা