وتسمع قريش حديث النجدي فتسخط عليه وتثور به، وتريد أن تلحق به الأذى، ولكنا ننظر فلا نجد أحدا، ونبحث فما نعرف إلى أين ذهب، كما لم نعرف من أين جاء.
ويقول قائلنا حين استيأسنا منه: «هذا والله إبليس، أراد أن تكون له في بيت ربنا يد، فرد عن ذلك مدحورا.»
ثم سكت «باخوم»، وأطرق فأطال الإطراق، كأنه يستعيد في نفسه هذه القصة التي سحر بها قلوب سامعيه وألبابهم. ولكن القسيس الشيخ يسأل «باخوم» في صوته الهادئ المحطم: «ونجران يا بني أذهبت إليها؟ أأقمت فيها الكنيسة التي كنت تريد أن تقيمها؟»
قال باخوم: «لا يا أبانا، قنعت ببناء هذا البيت لهذا الحي من قريش. وما أدري لماذا استيقنت نفسي منذ ذلك اليوم بأن سيكون لهذا البيت ولهذا الأمين شأن.»
قال القسيس: «فإنك تسمي هذا الأمين محمدا؟»
قال باخوم: «نعم! يسميه قومه محمدا، ويسمونه أحمد، ويكنونه أبا القاسم، ويتحدثون عنه بالأعاجيب.»
قال القسيس في شيء من الحيرة والذهول: «أحمد! أحمد! أليس يمكن أن يكون هذا النبي الذي بشر به المسيح!»
وتفرق القوم من ليلتهم، وإن في قلب كل واحد منهم لأثرا قويا باقيا لهذا الحديث.
قال محدثي: والعجب أن أكثر المصريين يجهلون أن لهم في بناء الكعبة يدا، وأنهم قد اشتركوا فيه، واشتركوا فيه مع الأمين الذي أصبح بعد سراجا منيرا، أخرج الله به الناس من الظلمة إلى النور.
الفصل الرابع
অজানা পৃষ্ঠা