নীল নদের তীরে: ফারাওদের যুগে
على ضفاف النيل: في عصر الفراعنة
জনগুলি
فلسفة تضحي إمبراطورية
فإذا كنا في أعوام «أمنوفيس الرابع» ابن «أمنوفيس الثالث»، إذا برجة هائلة ، تزلزل عقائد الناس، وتهز دعائم الإمبراطورية المتينة.
ولم تكن إمبراطورية كإمبراطورية «أمنوفيس الثالث» تخلو من أعداء يعيشون في كنفها؛ والدول في عنفوانها تحتاج إلى اليقظة أكثر من أي وقت آخر، وقد كان يتاخم الإمبراطورية من جميع النواحي أعداء في الباطن أصدقاء في الظاهر، يريدون لها الوقيعة، ويتربصون بها الدوائر؛ فدولتا الميتاني والحيثيين كانتا تتاخمان الإمبراطورية من الشمال، وقبائل البدو الخبيري من ناحية فلسطين، واللوبيون من الغرب، والإتيوبيون من الجنوب، ولم يكد «أمنوفيس الرابع» يتولى العرش، حتى أثار حربا عوانا على الآلهة، وأخذ يدعو إلى عبادة إلهه الجديد «آتون»، وإذا به يغير اسمه من أمنوفيس الذي يحوي كلمة آمون إلى «أخناتون» ومعناها «روح آتون»، ثم يأمر، فتغلق معابد آمون، وتضطهد كهنته، وتمحى لفظة الآلهة بصيغة الجمع من المعابد، ويحمل الناس على عبادة «آتون» الإله الخفي الواحد الصمد الذي لا يلمس والذي لا شكل له، والموجود في كل مكان، والمحرك لتلك القوة الهائلة المستقرة في الشمس، التي تنبت الزرع، وتضيء العالم والرفيق الرحيم، والذي يمنح الخيرات، ويكره الحروب، ويسر لمساعدة الناس.
وأغضب كهنة آمون - ذوو النفوذ العريض والمال العديد - لدعوة التوحيد الجديدة؛ فأثاروا الشعب على «أخناتون». ويرى «أخناتون» أن طيبة - وهي ملأى بمعابد «آمون» - لا تصلح لدعايته الجديدة، فيبني له مدينة جديدة - عند تل العمارنة الحالي - تسمى «أخيتاتون» - ومعناها أفق آتون - وينقل إليها ملكه، ثم يملؤها بالمعابد والقصور لإلهه الجديد، ويحتم على الرسامين والمثالين أن تكون صورهم وتماثيلهم طبق الأصل من الطبيعة، لا تجميل فيها ولا تزويق.
حقا، لقد كان «أخناتون» أول فيلسوف في العالم دعا إلى الحق والهدى، وكانت صيحته أول صيحة بالوحدانية، في وقت كانت الوثنية فيه في حصنها الحصين، ولكن العالم إذ ذاك لم يكن مستعدا لإجابة مثل هذه الدعوة، وجاء نبي الفراعنة قبل أوانه بعشرات القرون.
وأدرك أعداء مصر أن فرعون قد انقلب قديسا نبيا، فأغاروا على أملاك الإمبراطورية في الشمال، ويسجل التاريخ إخلاص الموظفين المصريين في هذه الناحية؛ فقد بحت أصواتهم من طلب النجدة وترقب الأوامر من طيبة، ولكن «أخناتون» لم يكترث لعرض الدنيا، وركز جهوده وعبقريته لخدمة دينه الجديد، وبلغ السيل الزبا، فامتنعت المستعمرات عن دفع الجزية، ولكن «أخناتون» لم يتحرك.
وأخيرا مات «أخناتون»، تاركا وراءه ظلا ضعيفا لإمبراطورية كانت بالأمس عظيمة، وخزانة خاوية، ولخلفه من بعده كهنة ثائرين، يرغبون في الانتقام، وجيشا غاضبا، وشعبا حانقا.
ولم ينجب «أخناتون» ذكورا؛ فتولى من بعده «سكارع» زوج ابنته، ولم يكن حكمه مهما، ثم تلاه «توت عنخ آتون» زوج ابنته الأخرى؛ فكان في مبدأ حكمه مخلصا لآتون، ثم لم يلبث أن طواه الكهنة، فإذا به يبرح مع بلاطه «أخيتاتون»، ثم يعود إلى طيبة، فيصدر أمرا بإعادة عبادة آمون، ثم يغير اسمه من «توت عنخ آتون» إلى «توت عنخ آمون»، ويأخذ في إصلاح معابد «آمون» التي خربها حموه، ثم يملؤها بتماثيل الآلهة الذهبية، ثم يبالغ في مرضاة كهنة آمون، فيجزل لهم العطايا، ويعيد النظام القديم بحذافيره.
الملك «أخناتون» الملقب بنبي الفراعنة وزوجته الملكة «نفرتيتي» (عن نقش في جدار بتل العمارنة).
وهكذا يتم فشل «أخناتون»، وبفكرة فلسفية سامية تضيع أولى إمبراطوريات العالم.
অজানা পৃষ্ঠা