قالت شهددار: نعم، إنها لتطمع أن تعود سلطانة على العرش، وإن خاير بن ملباي ليطمع مثلها ...
قال طومان منكرا: بالله إلا ما أخبرتني يا شهددار: أتتحدثين جادة وعن بينة؟ أتظنين أن يبلغ خاير يوما هذه المنزلة؟
قالت وقد تجهم وجهها: إلا يكن خاير يطمع فإن مصرباي خليقة بأن تطمعه، وإلا فما شأن خاير بسيباي وبدر الدين بن مزهر؟ وما ذلك السر العميق الذي تحرص مصرباي على كتمانه، فلم تكد تلفظه شفتاها حتى أمسكت؟
قال طومان وقد بدا في وجهه الغضب: ويل لذلك الخائن! لا بد أن يدرك عاقبة تدبيره، ويلقى جزاء كفره بنعمة السلطان!
قالت شهددار منزعجة: ماذا نويت يا طومان؟ هل هو إلا ظن يوجب الحرص والحذر؟ فكيف تتعجل الأمر قبل أن تعرف مصدره ومورده؟
قال طومان هادئا: اطمئني يا شهددار، إن طومان لا يعجل قبل أن يتثبت ...
ثم سكت وسكتت، وسرحت خواطرهما إلى بعيد، وافترقا على التوهم ثم التقيا. ولما مد إليها يده للوداع بعد فترة، كان في عينيها عبرة وفي عينيه مثلها، فشد على يدها بعنف وهو يقول في حسرة: لماذا أجبت دعوتك يا شهددار وكنت خليقا أن أتوارى عن عينيك حتى لا ينتكئ الجرح؟
قالت وقد أفلتت يدها من يده: بل اسألني يا طومان لماذا دعوتك وكان حقا علي أن أتصبر؛ ليحملك تصبري على الصبر والسلوان، ويفرغ قلبك لما تحمل من هم الدولة؟
ثم فرت عجلى من بين يديه وخلفته في أشجانه، فلما توارت عن عينيه استدار على عقبه، واتخذ طريقه إلى الباب في صمت، ويكاد قلبه يثب من بين ضلوعه وجدا ولهفة!
الفصل الرابع والعشرون
অজানা পৃষ্ঠা