عوذت بها السلطان من شيطانك المريد، فلا تنال منه منالا، ولا تبلغ محالا، ومولانا بعين الله يحفظه ويرعاه، فلا يقفوه «قاف» بالشر إلا كبه الله على وجهه وأرداه!
وتقاطر العرق على جبين الرمال وبدا في وجهه الإعياء، فكأنما كان يغالب الغيب على أسراره حتى استخلصها وما كاد، ثم لم يكد ينتهي من حديثه حتى أطرق إطراقة طويلة، ثم رفع رأسه وهو يرتعد كأنما غشيته الحمى ...
وكان السلطان في أثناء ذلك كله يسمع صامتا لا يكاد يجد نفسه، فما هدأ الصوت حتى تنفس تنفسا عميقا، رده إلى الوعي واليقظة، ثم قال وفي وجهه أمارات القلق واللهفة: ماذا قلت يا شيخ؟ وبماذا حدثتك نجومك؟
قال أرقم ولم يزل جسده يرتعد: هو ما سمع مولانا السلطان مما أنبأتني به الطوالع، وإن مولانا السلطان لمنصور بإذن الله، ولن ينال الكائدون منه منالا.
قال السلطان حانقا: من ذلك الذي يكيد لي يا شيخ؟ وفيم يطمع؟
قال أرقم وقد ضيق عليه حتى لا يكاد يجد سبيلا للفرار: عوذت مولانا برب الفلق. إنه أمير من بطانتك يا مولانا أول اسمه ق.
فنهض السلطان عن مجلسه، ودنا من أرقم حتى مس كتفه بيده وهو يقول: بالله إلا ما صرحت لي، فإنني لا أكاد أفهم ما تعنيه!
وثاب إلى أرقم إيمانه بنفسه حين رأى مكانه الذي بلغ عند السلطان، فانفرجت شفتاه عن ابتسامته تلك، وقال: فليبحث مولانا السلطان عن ق بين أمرائه، فسيعرفه بسمات الشر في وجهه وقسماته، فإذا لم يكشف لمولانا السلطان عن صدره تائبا نائبا، فليكشف عن مكنون صدره السيف.
قال السلطان مؤمنا: صدقت، وإن السيف لأصدق ما يكشف عن خبيئات الصدور، وكأن قد عرفت الذي تعنيه ...
ثم مد يده إلى الرمال بصرة فيها دنانير، وكساه كسوة سلطانية، وشيعه إلى الباب وهو ماش يتخلع في مشيته، كأنه صرة ثياب على عصوين من قصب.
অজানা পৃষ্ঠা