دون مال ودون لغة مشتركة، ربما تظل هائمة على وجهها للأبد. ربما هي الآن تسير مبتعدة عن القرية في طريقها إلى الأدغال. كان للخور العديد من الروافد الفرعية، مثل تعرجات بحر داخلي.
عندما بدأ الخوف يتملك منها بدأ وجه الفلاح يزيغ أمام عينيها وكأنها في كابوس. لاحظت أن جلده يلمع، وأن لديه حرقدة صغيرة؛ لكن أنفها التقطت رائحته الفائحة المشوبة برائحة الماعز؛ إذ كان يتعرق من أثر الصعود.
صاحت بهرع: «أنا لا أفهم كلمة واحدة مما تقول. توقف. أرجوك توقف. ستدفعني إلى الجنون.»
بدوره، لم يسمع الرجل سوى سلسلة من الكلمات غير المفهومة. كان يرى فتاة ترتدي ملابس الرجال، نحيلة على نحو غير جذاب - حسب معايير الجمال المحلية - ركبتاها متسختان ومجروحتان. وهي فتاة أجنبية، مع أنه لا يعرف جنسيتها. علاوة على ذلك، فهي منفعلة للغاية، وتتحدث بنبرة عالية عصبية، كما أنها شديدة الغباء.
إذ لم يبد أنها فهمت أن اسم القرية الذي تردده له لا يعدو حتى نصف الاسم، فيما هناك ثلاث قرى صغيرة مختلفة تبتدئ أسماؤها بالبادئة نفسها. شرح لها ذلك، وسألها عن الاسم كاملا.
حتى إن فهمت آيريس ما يقوله الرجل، لم تكن لتستطيع أن تخبره به؛ إذ إن اسم القرية كان ثقيلا للغاية على اللسان فلم تحاول أن تتبين نطقه كاملا، بل اكتفت بأول ثلاثة مقاطع منه كباقي رفقائها.
كان الوضع ميئوسا منه. للمرة الأخيرة قطب الفلاح وجهه وهز كتفيه، ثم مضى في طريقه تاركا آيريس وحدها وسط الجبال.
أحاطتها الجبال مثل خطر محدق. كانت قد اشترت بطاقات بريدية تحمل صورها وأرسلتها بعد أن كتبت عليها التعليق التقليدي: «منظر طبيعي خلاب.» حتى إنها كتبت على إحداها بعد أن رسمت صليبا هازئا فوق إحدى القمم: «تلك هي حجرتي.»
ها هي الجبال تأخذ ثأرها منها الآن. بينما انكمشت خوفا أسفل الأجراف الشاهقة، شعرت أن مجرد هزة في قممها الشامخة كفيلة بأن تسحقها إلى رماد تحت انهيار صخري. أشعرتها الجبال بالضآلة، ومحت تفردها، وأطفأت حماستها.
لكن أصواتا تتحدث بالإنجليزية جاءت لتكسر التعويذة. فمن وراء منحنى المسار، جاء الزوجان حديثا الزواج اللذان تعرفهما من الفندق.
অজানা পৃষ্ঠা