8 المقالة الأولى: في العلويات والنظر فيها في أمور
(النظر الأول: في حقيقة الأفلاك وأشكالها وأوضاعها وحركاتها بطريق الإجمال)
ذهب الحكماء إلى أن الفلك جسم كروي مشتمل على الوسط متحرك عليه ليس بخفيف ولا ثقيل ولا بارد ولا حار ولا رطب ولا يابس ولا قابل للخرق ولا للالتئام، ولهم على ذلك أدلة مذكورة في الكتب الحكمية، وكتابنا هذا ليس بصددها، والأفلاك كرات محيطة بعضها ببعض حتى حصلت من جملتها كرة واحدة يقال لها: العالم، وأدناها إلى العناصر فلك القمر، ثم فلك عطارد، ثم فلك الزهرة، ثم فلك الشمس، ثم فلك المريخ، ثم فلك المشترى، ثم فلك زحل، ثم فلك الثوابت، ثم فلك الأفلاك.
واعلم أن لكل فلك مكانا لا ينتقل عنه، لكنه متحرك فيه بأجرامه لا يقف طرفة عين، وسرعة حركاتها أسرع من كل شيء شاهده الإنسان حتى صح في الهندسة أن الفرس في حالة الركض الشديد من الوقت الذي رفع يديه إلى أن يضعها يتحرك الفلك الأعظم بثلاثة آلاف فرسخ، ثم إن من الأفلاك ما يتحرك من المشرق إلى المغرب؛ كالفلك الأعظم، ومنها ما يتحرك من المغرب إلى المشرق؛ كفلك الثوابت وأفلاك السيارات، ومنها ما يتحرك بالنسبة إلينا دولابية، ومنها ما يتحرك حمائلية (1)، ومنها ما يتحرك رحوية، ومنها ما يشمل على الوسط ولكن ليس
পৃষ্ঠা ২০