إنك في قلبي،
وليس هناك من يعرفك غير ابنك؛
فأنت الذي علمته،
والأرض في قبضة يدك.
وكما أنه لم يتخل عن إيمانه لحظة فلم يفرط أبدا في ناموسه الأسمى وهو الحب؛ فحتى في تلك الساعة التي رأى فيها الهرم الذي شيده يتهاوى حجرا في إثر حجر، ورجاله ينضمون إلى أعدائه، وزوجته المحبوبة تهجره دون كلمة وداع، حتى في تلك الساعة المنحوسة لم يعرف قلبه الكراهية أو الحقد، ذلك الرجل الذي ترفع حتى عن العقاب المشروع الذي هام بالإنسان والحيوان والجماد. انظر يا سيدي، لقد تولى الملك في عصر الرخاء، دانت له إمبراطورية مترامية وشعب محب مطيع، ولو شاء أن ينعم بالسعادة والجلال والنساء والراحة لما عزت عليه، ولكنه أعرض عن ذلك كله، واهبا ذاته للحقيقة، متحديا قوى الشر والأنانية والطمع، فضحى بكل شيء وهو يبتسم. وقد سألته يوما بعد أن ذرت قرون الشر والهمجية: مولاي، لم لا تلجأ إلى القوة دفاعا عن الحب والسلام؟
فقال لي باسما: لا يتردد المجرمون عن انتحال الأعذار لإشباع الرغبة الآثمة في البطش وسفك الدماء، ولست منهم يا بك.
ولن أنسى عطفه على شخصي حينما آنس مني ميلا إلى «موت نجمت» أخت زوجته، فسعى إلى تزويجي منها، وكيف واساني عندما أبت الزواج مني قائلا: إنها مثل الحدأة تنتظر فرصتها!
واستفسرت عما يعنيه قوله، ولكنه لم يزد. وقد صممت على البقاء بجانبه رغم فزع المدينة كلها للهجرة، ووجدت رفيقا مصمما في كاهن الإله الواحد مري رع، ولكن الحكيم آي قابلني وقال لي: إننا نهاجر لصد هجوم لا قبل لنا به دفاعا عن حياته، ولو جاز لإنسان أن يبقى إلى جانبه لكنت ذلك الإنسان؛ فإني حموه ومعلمه!
فقلت: أيها الحكيم، إن بقائي لن يغير من الأمر شيئا.
فقال: ينص الاتفاق بيننا وبين الكهنة على ألا يمس الملك بأذى تحت شرط ألا يبقى أحد من أتباعه في المدينة سوى نفر من الخدم.
অজানা পৃষ্ঠা