وكان من شدة سلطان النعمان/ أنه أحب أن يعرف هيبته عند الناس، فعمد إلى كبش، فجعل في عنقه مدية وسفودا وزندا، وجعل على ظهره حزمة من حطب، ثم خلاه لينظر ما قدره عند الناس، وكيف هيبتهم له؟ وقال: لا يعرض له أحد إلا قتلته. فكان يجول في أحياء العرب لا يعرض له أحد، إذ مر الكبش برجل من بني يشكر، يقال له: أرقم بن علباء، وكان على شراب له مع فتية من قومه، وكان مع ذلك كاهنا. فلما نظر إلى الكبش وإلى سمنه قال: كبش يحمل حتفه بأظلافه، قد حان منه الموت عند اختلافه، فما الذي يمنع من انتسافه؟!.. لافى غنم راع، ولا معه/ أمان من السباع، أساغب فيشبع أم خائف فيمنع؟!.. فظن أنه يكلمه، وأنه شيطان. فلما رآه لا يكلمه وثب عليه فذبحه بالمدية التي كانت معلقة عليه، وأورى نارا بتلك الزناد، وشواه بذلك الحطب على ذلك السفود، ثم أقبل يأكل مع ندمائه لحما لم يأكل مثله سمنا.
وبلغ قومه ذلك فخبروه بحال الكبش وقصته، وندموه، وقالوا له: أنت مهلكنا، ومهلك نفسك إن بلغ النعمان الخبر. فانطلق هاربا، وبلغ النعمان الخبر، فكثر تعجبه من جرأته عليه، وأمر بطلبه، فأعياه، فأمر بالكف عنه. فلما علم/ أن الملك قد أمر بالكف عنه تلطف حتى دخل على النعمان مسلما. فلما سلم قال له النعمان: من أنت؟ قال: أنا أرقم ابن علباء. قال: صاحب الكبش؟ قال: نعم. وكان النعمان إذا دخل عليه رجل من قبل نفسه، وتحرم بالسلام عليه عفا عنه، وإن كان عظيم الجرم. فقال له النعمان: كيف صنعت يا أرقم؟ قال: أبيت اللعن، مربي كبش حالك السواد، فقلت: إليك يا كبش من الإبعاد، إن تكن حافيا تنعل، أو مرملا تمتع بزاد. فلم يحر إلي هنالك شيئا من جواب، ولم يناد، وساقه إلى حتفه ما جاء يحمله بظلفه، فإن أك ظالما بقرفه، فأنت أولى الناس بعطفه. فأمر به ليقتل، فقال أرقم: إن أذن الملك يسمع شعرا قلته، فأذن له في إنشاده، فأنشده قوله:
পৃষ্ঠা ৪৬৪