وقول أهل الدعوة فيمن كان في جزيرة من جزائر البحر حيث لا يبلغه علم الشرائع في قومه وأمته: لا يخلو من أن يكون مجيبا لآبائه على ما هم عليه من الشرك، أو (على) (¬1) غير ذلك. ومحال أن يكون على غير دين آبائه، عادة الله التي قد خلت إلا إن أتى من قبل الله عز وجل ما ينقله عما تربى عليه. ومحال أن يهتدي لدين الله من غير منبه ولا مخبر يدعوه/ فيشرع له الدين. فإن كان على شرك آبائه لم يعذر فيما يدركه بعقله و(لا) (¬2) فيما لا يدركه به، بدليل قول الله تعالى: { قلنا اهبطوا ....... خالدون } (¬3) .
فصل
وأما من وقع في جزيرة من البحر مولودا أو فطيما أو مع السباع أو مع البهائم فعض غير صحيح العقل، فهذا على من ذهب في العقل مذهب أهل التجارب. وأما إن كان يسمع الأصوات فعلى مذهب أهل المواضعة، يصح عقله وإن لم يسمع صوتا ولم ينطق. ومن قال بالتوقف فهو بالمذهب الأول أشبه.
وقال المسلمون: من كان على هذه الصفة فصح عقله سلك سبيل الأولين في التكليف. وإن لم يصح عقله سقط التكليف ولا يعذر أحد في جهالة/ التوحيد حالة واحدة إن صح عقله. وأما من كان على شريعة نبي من الأنبياء فإنه يسعه شرعه حتى يسمع، كما قال الله تعالى: { وما كان ........ ما يتقون } (¬4) .
فدليل الخطاب في هذه المسألة أنه مقطوع العذر سمع أو لم يسمع. والهداية هنا الإسماع، وهذا لمن لم يكن على دين.
فصل
পৃষ্ঠা ৮৮