ومنه ما لا يقع من أول وهلة، كبعثة الرسل، وتزول الكتب، وإثبات صانع ليس بجسم، وفاعل في غير ذاته، وعالم لا بحلول العلم في قلبه، وحدوث الدار الآخرة، ونشر الأموات. فلذلك استعمل أهل الجحود والإنكار الإنكار والكفران بالنشأة الأخرة بعد إقرارهم بالنشأة الأولى، فصدموا قوارع القرآن قبل محك الإمتحان.
والمستحيلات أيضا كذلك؛ ربما تقع من أول وهلة، كاجتماع الشيء وضده وكون شيء معدوم مع وجوده. فأما ما لا يقع من أول وهلة فإثبات البداية للمحدثات/ واستمرار النهايات للموجودات، وإثبات العالم بأسره محدثا والصانع القديم جسما.
والثالث: ما يعلم من جهة الحاسة. كلها ضروري، أما من جهة البصر فالأدوات والألوان، والصور والأكوان. وأما من جهة السمع، فالأصوات بأصنافها. وأما من جهة الذوق، فالطعوم بأصنافها من الحلو والمر والقارص والبشيع وغير ذلك. وربما يقع الغلط في هذه الحواس وإن كان علمها ضروريا، كالذي يجري للبصر، قد يغلط في عشرة أمكنة:
أولها: يرى البعيد قريبا والقريب بعيدا.
والثاني: يرى الصغير كبيرا والكبير صغيرا.
والثالث: يرى المتحرك ساكنا والساكن متحركا.
والرابع: يرى الأسود أبيضا، والأبيض أسودا.
والخامس: يرى الواحد اثنين والأثنين واحدا.
والسادس: يرى الخيال فيتوهنه حيوانا أو مواتا.
والسابع: يرى الأشياء على غير ما هي عليه كالسحر.
والثامن: يرى ذا الزوايا مدورا، والمدور مسطحا.
والتاسع: يرى القائم نائما والنائم قائما كالذي يعرض لأهل الميد (¬1) والدوار.
والعاشر: السمادير ضعف البصر، ويقال: هو الشيء الذي يعتري الإنسان من ضعف بصره عند السكر من الشراب وغيره.
وأما غلط حاسة السمع في المسموعات كالذي يجري للسمع من النبأة (¬2) والدوي تحسبها أصواتا من بعيد، والبعيد منها قريبا والقريب بعيدا. وكغلط في الجهة.
পৃষ্ঠা ২০