وقالت القدرية: لا يكون الأمر بالشيء نهيا عن ضده، ولا النهي عن الشيء أمرا بضده البتة. والقول الأول أصح، وهو قول أبي الربيع سليمان/ بن يخلف. وذلك أن المأمور بالشيء لا يخلو (¬1) أن يوجب عليه ضده، أو يندب إليه، أو يباح له، أو ينهى عنه. فمحال أن يوجب عليه ضده، ما أمر به فكذلك وإن أبيح له ضده ما أمر به سقط فائدة الأمر، ولم يبق إلا أنه نهي عن ضده. فإن كان المأمور به ذا أضداد دخلت (تلك) (¬2) الأضداد كلها في النهي واستدلوا هم أيضا بأن لو كان الأمر بالشيء نهيا عن ضده لكان العالم بالشيء جاهلا لضده؛ لأن العلم والجهل ضدان، والأمر والنهي ضدان، والعالم والجاهل بمثابة المأمور والمنهي، ويكون القادر على (¬3) الشيء عاجزا عن ضده، وكذلك لو كان الأمر بالشيء نهيا عن ضده لكان نهيا عن جميع اضداده. ولو كان النهي عن الشيء أمرا بضده لكان
أمرا لجميع اضداده وقد نجد الرجل ينهى ألا يدخل الدار وليس ذلك بأمر أن يدخل جميع الدور/ وينهى أن يأكل لحم الخنزير وليس ذلك بأمر أن يأكل جميع اللحمان سواه.
পৃষ্ঠা ১০৮