أما عائشة فلم تصبر حتى يتم حديثه، فقالت وكأنها تتحفز للنهوض: «ثم صنعوا ماذا؟»
فلم يستغرب عبيد ما بدا منها، ولعله كان يتوقعه فقال: «أجمعوا على بيعة علي.»
فهبت عائشة من مجلسها، ثم وقفت وأطرقت وقد أمسكت طرف نقابها كأنها تصلحه، ثم رفعت رأسها بغتة وأشارت بيدها إلى السماء ثم إلى الأرض وقالت: «ليت هذه انطبقت على هذه إن تم الأمر لصاحبك!» قالت ذلك وخرجت مسرعة وهي تقول: «ردوني، ردوني إلى مكة! قتل والله عثمان مظلوما! والله لأطالبن بدمه!»
فبغتت أسماء لما رأت من اهتمام عائشة بالأمر إلى هذا الحد، وساءها ما سمعته من التعريض بعلي، ولكن التهيب منعها من الكلام.
أما عبيد فبقي رابط الجأش، وربما كان على بينة مما سيبدو من أم المؤمنين فأعد لكل خطاب جوابا، فاستوقفها وقال لها: «ولم؟ والله إن أول من أمال حرفه لأنت، ولقد كنت تقولين: اقتلوا نعثلا فقد كفر! ألم تخرجي قميص رسول الله وشعره لما علمت بأعمال عثمان وتقولي: هذا قميصه وشعره لم يبل وقد بلي دينه ...؟!»
فلما سمعت عائشة قوله أدارت وجهها إليه وقالت: «إنهم استتابوه ثم قتلوه، وقد قلت وقولي الأخير خير من قولي الأول.» قالت ذلك وأمرت رجالها أن يهيئوا الأحمال للرجوع إلى مكة. فنظر إليها عبيد وهي خارجة وأنشد:
فمنك البداء ومنك الغير
ومنك الرياح ومنك المطر
وأنت أمرت بقتل الإمام
وقلت لنا إنه قد كفر
অজানা পৃষ্ঠা