وأشار عثمان إلى نائلة فنهضت وأخذت بيد أسماء وخرجتا والحاضرون يتبعون أسماء بأبصارهم، ويعجبون بما سمعوه وبما ينظرون من لين قوامها واسترسال شعرها وحسن خطاها.
فلما دخلتا غرفة أخرى قبلتها نائلة وقالت والدموع ملء عينيها: «بورك فيك يا أسماء! والله إنك قد شفيت غليلي من هذا الغلام. ولكنني أرى أنه سيقنع الخليفة ويحمله على الرجوع.»
قالت: «فلنقف هنا لعلنا نسمع ما يدور بينهما.» ثم وقفتا فسمعتا مروان يقول له: «ما لنا ولأقوال النساء؟ إن الأمر جلل ولا أدري إذا كنت قد قلت ما قلته مكرها.»
قال عثمان: «ومن يكرهني؟!»
الفصل الخامس
أسماء ومحمد ومروان
أغلقت أسماء الباب وجلست على السرير تفكر فيما مر بها من غرائب الأحداث، فتصورت أمها وحنوها وتذكرت كيف كانت تشكو إليها همها في مثل تلك الحال، فغلب الحزن عليها وبكت. وفيما هي في ذلك إذ سمعت وقع أقدام أمام بابها فأجفلت وافتقدت الخنجر وتحفزت للوقوف وقد نسيت حزنها، ولبثت هنيهة فلم تسمع صوتا. ثم سمعت نقرا على الباب فوثبت إليه وفتحته وقد تهيأت للقاء مروان فإذا بالباب محمد بن أبي بكر، فأجفلت وغلب عليها الحياء واختلط حياؤها بإجفالها فزاد وجهها مهابة وجلالا.
أما محمد فلما رآها في تلك الحال ابتدرها قائلا: «ما بالك يا أسماء؟! ما الذي أخافك؟!» فغالطته وحيته ولم تجبه، فرد التحية ومد يده فسلم عليها وشعر عند لمس يدها ببرد أناملها وارتعاشها، فقال: «ما بالك ترتعشين وأنت وحدك؟!» قال ذلك وهو ينظر إلى جوانب الغرفة لعله يرى أحدا هناك فازداد تعجبا.
أما هي فتجلدت وقالت: «لا شيء يخيفني يا محمد وأنا في حمى أبي الحسن.»
قال: «لقد صدقت، ولكنني أراك في اضطراب وهياج كأنك كنت تخاصمين أحدا، أم أنت ترتعدين لقدومي على غرة؟ وأنا إنما فعلت ذلك طوعا لعلي، فإنه أرسلني لأفتقدك وأنظر في حوائجك.»
অজানা পৃষ্ঠা