دخل خادم إنجليزي إلى مكتب اللورد كرومر وقال له: مولاي اللورد، إن المستر متشل يريد مقابلتك حالا.
فانقبض فؤاد اللورد من هذه المفاجأة، وقال له: أدخله هنا.
وكان اللورد جالسا يقرأ في كتاب.
وبعد لحظة دخل المستر متشل بهيئة مريعة، ووجهه أصفر بلون الموتى، فارتاع من منظره وسأله: ماذا جد يا سيدي؟ - مصيبة يا مولاي. - تقول مصيبة؟! أخبرني بسرعة. - لقد أهين شرفنا العسكري؛ لأن الأهالي هجمت على ضباط الدراجون فقتلوا الكبتن بول وجرحوا بقية الضباط بجروح بليغة. - وماذا فعلت؟ - جئت أستشيرك يا مولاي.
فقطب اللورد حاجبيه وقال: الويل لهم! أرسل يا مستر المضخات في الحال واملأها غازا إلى هذه البلدة، فأحرقها بأهلها ومواشيها، أو أرسل البطريات المدفعية فدك البلدة دكا! ولكن أين هذه البلدة؟ - في مديرية المنوفية واسمها دنشواي. - من مديرها؟ - محمد باشا شكري. - اذكر لي المسألة بالتفصيل.
فأخذ المستر متشل يسرد له وقائع الواقعة، وبعد أن انتهى منها قرب اللورد كرسيه منه، وأخذا يتحدثان مقدار ساعتين، ولم نعلم ما دار بينهما من الحديث ... ولكن عند الوداع ضغط اللورد على يد المستر «متشل»، وقال له بغيظ: لا تنس أن تضرب الأمة المصرية بهاتين الضربتين: ضربة تعيين الهلباوي في وظيفة المدعي العمومي، وشدة الحكم حتى تقشعر منه الأبدان، وسآمر حالا نظار الحكومة المصرية بتشكيل المحكمة المخصوصة.
وبعد خروج المستر متشل تمتم اللورد: أريد ألا يراق دم إنجليزي بسهولة وبساطة!
الفصل السادس
بين الهلباوي وضميره
لم هذا التردد يا هلباوي وأنت قادر على كل شيء؟! وما هذا الضعف؟! بل ما هذا الجنون؟ أتترك هذه الفرصة تفوتك وتدوس المستقبل إكراما للماضي؟ إن هذا هو البله بعينه! إن أبواب المستقبل الزاهر مفتوحة أمامي، وبخطوة واحدة ألجها، فهل أوصدها بيدي؟ كلا، كلا، فلن يكون ذلك أبدا.
অজানা পৃষ্ঠা