فيقول: سمعت من رأى أنه أسري به من مكة إلى بيت المقدس فلم أظفر منه ببرهان.
فيسأله: فماذا صنعت بعد ذلك؟
فيقول: كذبته وصدقت المشركين، ثم نقضت الدعوة الإسلامية، وبقيت حتى اليوم على سنة الجاهلية.
فما يختلف اثنان إذن في الجواب الذي يلقاه ذلك العالم، أو ذلك المنطيق، ليقولن الحق له إذن: إنك أخطأت وخالفت العلم والمنطق فيما صنعت؛ لأن تلك المقدمة لا تنتهي بك إلى تلك النتيجة، وحديث الإسراء على أي معنى فهمته لن يجعل النفس العظيمة لغوا، ولن يجعل عملها العظيم مستحقا للإبطال.
ويمثل الصديق بين يدى الحق فيسأله: ماذا صنعت قبل عشر سنين؟ فيقول: سمعت من رأى أنه أسري به من مكة إلى بيت المقدس فلم أشك فيما رآه.
فيسأله: ولم لم يخامرك الشك فيه؟
فيقول: لأنني صدقته في أمر السماء فما يكون لي أن أكذبه فيما دون ذلك.
فيسأله: فلم صدقته في أمر السماء؟
فيقول: لأنني أعتقد فيه الخير ولا أعتقد فيه السوء، ولأنني أعتقد السوء في منكريه ولا أعتقد فيهم الخير.
ليقولن الحق له إذن: إنك أصبت وتأديت إلى التصديق من طريق صالح للتصديق، ووافقت المنطق والعلم أخيرا، وإن لم تأت معهما في الطريق، وإن هذه السنين العشر لتشهد لك بصدق الوعي ولا تشهد به لمن خالفوك: أخذت في المنطق والعلم بالنتيجة ولم تبال بالمقدمة، وأخذ المخالفون إياك بالمقدمة ولم يبالوا بالنتيجة، فأنت في سبيلك أهدى وأنت إلى المنطق والعلم أقرب وأدنى.
অজানা পৃষ্ঠা