قال ابن زمعة: والله ما أمرني رسول الله
صلى الله عليه وسلم
بشيء، ولكني حين لم أر أبا بكر رأيتك أحق من حضر بالصلاة بالناس.
وموضع العجب في هذه الرواية تردد السيدة عائشة رضي الله عنها في تبليغ أمر النبي بإقامة أبيها مقامه في الصلاة، وقد تكرر الأمر أكثر من مرة.
فهذا التردد عجيب من وجوه: عجيب أن تتردد في تبليغ أمر محمد عليه السلام، وهو الزوج المحبوب والنبي المطاع.
وعجيب أن تتردد في تبليغه، وهو تشريف لأبيها بمقام كريم تتطاول إليه الرقاب.
ويزيده عجبا أن يحدث في شدة المرض والنبي مجهد يطلب الراحة، وهي أشد نسائه سهرا عليه في مرضه، وأرعاهم له بما يريحه، ويخفف الجهد عنه.
نعم، إن عائشة رضي الله عنها كانت أكثر الناس دالة على النبي وأجرأهم على مراجعته، والتلطف في إبلاغه ما يتهيب القوم أن يبلغوه. فلئن كانت هي أولى الناس أن تطيعه وتبلغ أمره، لقد كانت كذلك تعلم من مكانتها عنده ما يبيح لها أن تراجعه وتأمن غضبه، لدالتها عليه وثقته من مضمر حبها له وامتثالها لأمره.
إلا أنها قد بلغت مكان الدالة عند رسول الله بما لها من صفات كثيرة غير الصباحة والجمال، وأول تلك الصفات فرط الذكاء ولطافة الحس وحسن التقدير.
وخليق بمن كانت في مثل ذكائها ولطافة حسها وحسن تقديرها أن تفطن إلى الجد في ذلك الموقف العصيب، وفي ذلك البلاغ الخطير.
অজানা পৃষ্ঠা