والحقيقة الرابعة:
أن الأديان الكتابية بينها فروق موضعية لا بد من ملاحظتها عند البحث في هذا الموضوع ...
فاليهودية أو الإسرائيلية كانت كما يدل عليها اسمها أشبه بالعصبية المحصورة في أبناء إسرائيل منها بالدعوة العامة لجميع الناس، فكان أبناؤهم يكرهون أن يشاركهم غيرهم فيها، كما يكره أصحاب النسب الواحد أن يشاركهم غيرهم فيه، وكانوا من أجل هذا لا يحركون ألسنتهم - فضلا عن امتشاق الحسام - لتعميم الدين اليهودي وإدخال الأمم الأجنبية فيه، ولا وجه إذن للمقارنة بين اليهودية والإسلام في هذا الاعتبار ...
أما المسيحية فهي قد عنيت «أولا» بالآداب والأخلاق، ولم تعن مثل هذه العناية بالمعاملات ونظام الحكومة.
وقد ظهرت «ثانيا» في بلاد للمعاملات والنظم الحكومية فيها قوانين تحميها كما يحميها الكهان المعززون بالسلطان، فهي قد عدلت عن فرض المعاملات والدساتير لهذه الضرورة، لا لأن المعاملات والدساتير ليست من شأن الدين.
وقد ظهرت «ثالثا» في وطن تحكمه دولة أجنبية ذات حول وطول، وليس للوطن الذي ظهرت فيه طاقة بمصادمة تلك الدولة في ميدان القتال.
أما الإسلام فقد ظهر في وطن لا سيطرة للأجنبي عليه، وكان ظهوره لإصلاح المعيشة وتقويم المعاملات وتقرير الأمن والنظام ... وإلا فلا معنى لظهوره بين العرب ثم فيما وراء الحدود العربية.
فإذا اختلفت نشأته ونشأة المسيحية، فذلك اختلاف موضعي طبيعي لا مناص منه ولا اختيار لأحد من الخلق فيه.
آية ذلك أن المسيحية صنعت صنع الإسلام حين قامت بين أهلها الدول والجيوش، وحين استقلت شعوبها عن الأجانب المتغلبين، وأربت حروب المذاهب فيما بين أبنائها على حروب صدر الإسلام مجتمعات.
والحقيقة الخامسة:
অজানা পৃষ্ঠা