ইমাম আলীর প্রতিভা
عبقرية الإمام علي
জনগুলি
ويشاء القدر أن تكون المزية الأولى في ميزان علي هي العائق الأول في سائر الموازين، ومنها ميزان النبي صلوات الله عليه ...
فقد كان - عليه السلام - يأبى أن يثير العصبيات في قريش، وفي القبائل العربية عامة؛ لعلمه بخطر هذه العصبية على الدعوة الجديدة، وكراهته أن يصور الإسلام للعرب كأنه سيادة هاشمية تتوارثها عصبة هاشم دون العصب من سائر العرب والمسلمين. وقد رضي في سبيل هذا المقصد الحكيم، أن يجعل بيت أبي سفيان صنوا للكعبة في أمان اللاجئين إليه، وأصهر إلى أبي سفيان وندب ابنه معاوية للكتابة له بين النخبة المختارة من كاتبيه، وربما حسن لديه أن تئول الخلافة إلى علي بعده إذا شاء المسلمون ذلك، ولكن على أن تكون خلافته اختيارا مرضيا كاختيار غيره من أنصاره وأصحابه، ويستوي منهم القريب والبعيد. •••
ولم تكن الحكمة النبوية هي وحدها التي تأبى إثارة العصبيات، وتصوير الإسلام للعرب وللناس عامة في صورة السيادة الهاشمية، بل كانت الدعوة كلها في صميم أصولها تأبى هذا الذي أبته الحكمة النبوية، وتجتنبه غاية ما في وسعها اجتنابه ... لأن الدعوة الإسلامية دعوة عالمية، تشمل الأمم كافة من عرب إلى عجم، ومن مشرق إلى مغرب، وتقوم في أساسها على المساواة بين الناس ورد المفاضلة بينهم إلى الأعمال والأخلاق دون الأحساب والأعراق، فليس من المعقول أن تسود العالم كله أسرة هاشمية، ولا من المعقول أن يبنى الأساس على المساواة، وأن يقام الحكم على هذا التفضيل ...
وإن أحق الناس أن يفطن إلى هذه الحكمة لهم أولئك الغلاة، الذين زعموا أن وراثة الخلافة في بني هاشم حكم من أحكام الله، وضرورة من ضرورات الدين ...
فلو أنها كانت حكما من أحكام الله، لكان أعجب شيء أن يموت النبي - عليه السلام - وليس له عقب من الذكور، وأن يختم القرآن وليس فيه نص صريح على خلافة أحد من آل البيت ...
ولو أنها كانت ضرورة من ضرورات الدين، أو ضرورات القضاء، لنفذت في الدنيا كما ينفذ القضاء المبرم، وحبطت كل خلافة تنازعها كما تحبط كل بدعة تناقض السنن الكونية.
فلا النصوص الصريحة، ولا دلالة الحوادث على الإرادة الإلهية، مما يؤيد أقوال الغلاة عن ترجيح الخلافة بالقرابة، أو حصر الخلافة في الأسرة الهاشمية ...
وهذا هو العائق الأول الذي حال بين علي وبين الخلافة ولا قدرة له عليه، وقد لحظه العرب ولحظته قريش خاصة، وذكره الفاروق حين قال: «إن قريشا اختارت لنفسها فأبت أن تجمع لبني هاشم بين النبوة والخلافة» ... •••
ويرى بعض المؤرخين، أن قريشا كانت تحقد على الإمام، وتنحيه عن الخلافة لعلة أخرى تقترن بهذه العصبية التي أوقعت التنافس بين بيوتها وبين بني هاشم، فقد بطش الإمام بنفر من جلة البيوت القرشية في حروب المسلمين والمشركين، وقتل من أعلام بني أمية وحدهم عتبة بن ربيعة جد معاوية، والوليد بن عتبة خاله وحنظلة أخاه، وجميعهم من قتلاه في يوم بدر ... عدا من قتلهم في الوقائع والغزوات الأخرى، فحفظ أقاربهم له هذه الترات بعد دخولهم في الإسلام، وزادهم حقدا أنهم لا يملكون الثأر منه لقتلاهم من الكفار، وكانت حاله بعد تلك المدة كما قال ابن أبي الحديد: «... كأنها حاله لو أفضت الخلافة إليه يوم وفاة ابن عمه، من إظهار ما في النفوس وهيجان ما في القلوب، حتى الأخلاف من قريش والأحداث والفتيان الذين لم يشهدوا وقائعه وفتكاته في أسلافهم وآبائهم، فعلوا به ما لو كانت الأسلاف أحياء لقصرت عن فعله.»
وقد علم الإمام هذا من قريش، عندما يئس من مودتها وابتلي بالصريح والدخيل من كيدها، فقال: «... ما لي ولقريش؟ ... أما والله لقد قتلتهم كافرين ولأقتلنهم مفتونين ... والله لأبقرن الباطل حتى يظهر الحق من خاصرته ... فقل لقريش، فلتضج ضجيجها.» •••
অজানা পৃষ্ঠা