সংস্কার ও শিক্ষার প্রতিভা: ইমাম মুহাম্মাদ আবদুহ
عبقري الإصلاح والتعليم: الإمام محمد عبده
জনগুলি
تعلمت القراءة والكتابة في منزل والدي، ثم انتقلت إلى دار حافظ قرآن قرأت عليه وحدي جميع القرآن أول مرة، ثم أعدت القراءة حتى أتممت حفظه جميعه في مدة سنتين، أدركني في ثانيتهما صبيان من أهل القرية جاءوا من مكتب آخر ليقرءوا القرآن عند هذا الحافظ، ظنا منهم أن نجاحي في حفظ القرآن كان من أثر اهتمام الحافظ. بعد ذلك حملني والدي إلى طنطا - حيث كان أخي لأبي الشيخ مجاهد رحمه الله - لأجود القرآن في المسجد الأحمدي لشهرة قرائه بفنون التجويد، وكان ذلك في سنة 1279 هجرية.
وفي سنة مائتين وإحدى وثمانين هجرية جلست في دروس العلم، وبدأت بتلقي شرح الكفراوي على الآجرومية في مسجد الأحمدي بطنطا، وقضيت سنة ونصفا لا أفهم شيئا لرداءة طريقة التعليم، فإن المدرسين كانوا يفاجئوننا باصطلاحات نحوية أو فقهية لا نفهمها، ولا عناية لهم بتفهيم معانيها لمن لم يعرفها، فأدركني اليأس من النجاح وهربت من الدروس، واختفيت عند أخوالي مدة ثلاثة أشهر، ثم عثر علي أخي فأخذني إلى المسجد الأحمدي، وأراد إكراهي على طلب العلم، ولم يبق علي إلا أن أعود إلى بلدي وأشتغل بملاحظة الزراعة كما يشتغل الكثير من أقاربي، وانتهى الجدال بتغلبي عليه، فأخذت ما كان لي من ثياب ومتاع، ورجعت إلى «محلة نصر» على نية ألا أعود إلى طلب العلم، وتزوجت في سنة 1282 على هذه النية.
فهذا أول أثر وجدت في نفسي من طريقة التعليم في طنطا، وهي بعينها طريقته في الأزهر ... وهو الأثر الذي يجده خمسة وتسعون في المائة ممن لا يساعدهم القدر بصحبة من لا يلتزمون هذه السبيل في التعليم ... وسبيل إلقاء المعلم ما يعرفه أو ما لا يعرفه بدون أن يراعي المتعلم ودرجة استعداده للفهم، غير أن الأغلب من الطلبة الذين لا يفهمون تغشهم أنفسهم فيظنون أنهم فهموا شيئا، فيستمرون على الطلب إلى أن يبلغوا سن الرجال، وهم في أحلام الأطفال، ثم يبتلى بهم الناس وتصاب بهم العامة، فتعظم بهم الرزية؛ لأنهم يزيدون الجاهل جهالة، ويضللون من توجد عنده داعية الاسترشاد، ويؤذون بدعاويهم من يكون على شيء من العلم، ويحولون بينه وبين نفع الناس بعلمه.
عودة إلى طلب العلم
بعد أن تزوجت بأربعين يوما، جاءني والدي صحوة نهار وألزمني بالذهاب إلى طنطا لطلب العلم ... وبعد احتجاج وتمنع إباء، لم أجد مندوحة عن إطاعة الأمر، ووجدت فرسا أحضره فركبته وأصحبني والدي بأحد أقاربي ... وكان قوي البنية شديد البأس، ليشيعني إلى محطة «إيتاي البارود» التي أركب منها قطار السكة الحديد إلى طنطا.
كان اليوم شديد الحر، والريح عاصفة ملتهبة تحصب الوجه، يشبه الرمضاء ... فلم أستطع الاستمرار في السير، فقلت لصاحبي: أما مداومة المسير فلا طاقة لي بها مع هذه الحرارة، ولا بد من التعريج على قرية أنتظر فيها حتى يخف الحر ... فأبى علي ذلك فتركته، وأجريت الفرس هاربا من مشادته، وقلت إني ذاهب إلى (كنيسة أورين) بلدة غالب سكانها من خئولة أبي، وقد فرح بي شبان القرية؛ لأنني كنت معروفا بالفروسية واللعب بالسلاح، وأملوا أن أقيم معهم مدة يلهو فيها كل منا بصاحبه ... أدركني صاحبي وبقي معي إلى العصر، وأرادني على السفر، فقلت له خذ الفرس وارجع وسأذهب صباح الغد، وإن شئت قلت لوالدي إنني سافرت إلى طنطا ... فانصرف وأخبر ما أخبر، وبقيت في هذه القرية خمسة عشر يوما تحولت فيها حالتي، وبدلت فيها رغبة غير رغبتي.
مع الشيخ درويش
ذلك أن أحد أخوال أبي، واسمه الشيخ درويش سبقت له أسفاره إلى صحراء ليبيا ... ووصل في أسفاره إلى طرابلس الغرب، وجلس إلى السيد محمد المدني والد الشيخ الظافر المشهور الذي كان قد سكن الآستانة وتوفي بها، وعلم عنده شيئا من العلم وأخذ عنه الطريقة الشاذلية، وكان يحفظ «الموطأ» وبعض كتب الحديث، ويجيد حفظ القرآن وفهمه، ثم رجع من أسفاره إلى قريته هذه، واشتغل بما يشتغل به الناس من فلاحة الأرض وكسب الرزق بالزراعة.
جاءني هذا الشيخ صبيحة الليلة التي بتها في الكنيسة ، وبيده كتاب يحتوي على رسالة كتبها محمد المدني إلى بعض مريديه بالأطراف بخط مغربي دقيق، وسألني أن أقرأ له فيها شيئا لضعف بصره ... فدفعت طلبه بشدة ولعنت القراءة ومن يشتغل بها، ونفرت منه أشد النفور، ولما وضع الكتاب بين يدي رميته إلى بعيد، ولكن الشيخ تبسم وتجلى في ألطف مظاهر الحلم، ولم يزل بي حتى أخذت الكتاب وقرأت منه بضعة أسطر، فاندفع يفسر لي معاني ما قرأت، ثم بعبارة واضحة تغالب إعراضي فتغلبه وتسبق إلى نفسي. وبعد قليل جاء الشبان يدعونني إلى ركوب الخيل واللعب بالسلاح والسباحة في نهر قريب من القرية، فرميت الكتاب وانصرفت إليهم.
بعد العصر جاءني الشيخ بكتابه، وألح علي في قراءة شيء منه، قرأت ثم تركته إلى اللعب، وفعل في اليوم الثاني كما فعل في الأول، أما اليوم الثالث فقد بقيت أقرأ له فيه، وهو يشرح لي معاني ما أقرأ نحو ثلاث ساعات لم أمل فيها، فقال لي إنه في حاجة إلى الذهاب إلى المزرعة ليعمل فيها، فطلبت منه إبقاء الكتاب معي فتركه، ومضيت أقرأه، وكلما مررت بعبارة لم أفهمها وضعت عليها علامة لأسأله عنها إلى أن جاء وقت الظهر، وعصيت في ذلك اليوم كل رغبة في اللعب، وكل هوى ينازعني إلى البطالة ... وعصر ذلك اليوم سألته عما لم أفهمه، فأبان معناه على عادته، وظهر عليه الفرح بما تجدد عندي من الرغبة في المطالعة والميل إلى الفهم.
অজানা পৃষ্ঠা