আবদুর রহমান আল কাওয়াকিবি
عبد الرحمن الكواكبي
জনগুলি
وكذلك كان العلم عنده علمين: علم يطمئن إليه الاستبداد ولا يخاف عقباه، وعلم يعرف به الإنسان «أن الحرية أفضل من الحياة»، ويدرك به «النفس وعزها والشرف وعظمته، والحقوق وكيف تحفظ، والظلم وكيف يرفع، والإنسانية وما هي وظائفها، والرحمة وما هي لذاتها ». •••
ومن الظروف الثقافية التي ألجأته في عصره إلى المشاركة العامة في مناهج التربية المدرسية، أن العلم كان في بعض المراسم «منحة» حكومية تخلع على طائفة من أصحاب الحظوة من المهد بغير حاجة إلى مدرسة ولا إلى دروس.
فالطفل من طائفة «زادكان»؛ أي الأصلاء، ينعت في المنشور الرسمي عند ولادته «بأنه أعلم العلماء المحققين» ... ثم يكون فطيما فيخاطب بأنه «أفضل الفضلاء المدققين» ... ثم يصير مراهقا فيعطى المولوية، ويشهد له بأنه «أقضى قضاة المسلمين معدن الفضل واليقين رافع أعلام الشريعة والدين وارث علوم الأنبياء والمرسلين» ... ثم يكبر فيوصف «بأعلم العلماء المتبحرين وأفضل الفضلاء المتورعين ينبوع الفضل واليقين»، إلى آخر ما في تلك المناشير من الكذب المبين.
يقول الكواكبي بلسان المولى الرومي بعد ما تقدم: «ولا ريب أن التسعين في المائة من هؤلاء العلماء المتبحرين لا يحسنون قراءة نعوتهم المزورة، كما أن الخمسة والتسعين في المائة من أولئك المتورعين رافعي أعلام الشريعة والدين يحاربون الله جهارا ويستحقون ما يستحقون من الله وملائكته والمؤمنين.»
ثم يقول: «ويكفي حجة عليهم ... تمييزهم جميعا بلباس عروس محلى بكثير الفضة والذهب مما هو حرام بالإجماع ولا يحتمل التأويل ... اقتبسوا هذا اللباس من كهنة الروم الذين يلبسون القباء والقلنسوات المذهبة عند إقامة شعائرهم وفي احتفالاتهم الرسمية ...» •••
وأمر هؤلاء «العلماء» بغير علم وبغير تعليم مفروغ منه، لا يحتاج من الدولة إلى أكثر من المنشورات الرسمية لإعداده وتمكينه من مناصبه، ولا يحتاج من الإمام المصلح في دور النهضة إلى أكثر من التنبيه إليه لإسقاط شأنه والإعراض عنه.
لكن الشأن الذي لا يغني فيه مثل هذا التنبيه إنما كان شأن «العلماء» بنوع من العلم المطلوب في معاهده، ولكنه لا يلتقي بالإصلاح في طريقه أو تلتقي به في بعض الطريق ويتولى عنه في سائرها.
من هؤلاء طائفة العلماء الجامدين على التقليد، ولا يعنيهم من العلم غير الإلمام بأشكال الفرائض والشعائر على سنة التقليد الأعمى بغير نظر في حكمتها ومعناها، ومن هؤلاء من كان يحرم تعليم الأبناء دروس الجغرافية الحديثة؛ لأنها تعلمهم أن الأرض مستديرة وأنها تدور حول الشمس وتدور حول نفسها، خلافا لما توهموه من معنى انبساط الأرض واستقرارها أن تميد بمن عليها، ومن هؤلاء من كان يستريب بالتليفون؛ لأن انتقال الصوت على مدى الفراسخ والأميال من فعل الشيطان، ولن يؤذن له أن يفعله بعد سليمان!
وأحسن من هؤلاء حالا من كانوا يبيحون المعرفة بالعلوم الحديثة، ولكنهم يحرمون أسماءها، ولا يجيزون تدريس الظواهر الطبيعية إلا أن تسمى «بعلم الخصائص التي أودعها الله - سبحانه وتعالى - طبائع الأشياء ...»
وأحسن من هؤلاء حالا من كانوا يسمحون بتعليم جميع العلوم ويقصرون النفع منها على تخريج الموظفين وصناع المعامل التي تديرها الحكومة لخدمة أغراضها ومآربها، وقد كان في بلاد الدولة العثمانية ولاة يفتحون المدارس ويبعثون البعوث إلى بلاد القارة الأوروبية لتحصيل الصناعات والعلوم العملية والنظرية التي تعينهم على تنظيم الدواوين وإدارة مصالح الري والزراعة، وتعمير الخزانة العامة لمنفعتهم أو منفعة السلطة الحكومية.
অজানা পৃষ্ঠা