আবদুর রহমান আল কাওয়াকিবি
عبد الرحمن الكواكبي
জনগুলি
الفصل السادس
أسلوب الكواكبي
كانت أساليب الكتابة في أواخر القرن الثامن عشر لا تتعدى أساليب الرسائل و«الخطابات» أو «الإفادات» بين عامة وخاصة.
وكانت الرسائل العامة - وهي رسائل الدواوين - مفرغة في قوالبها التقليدية، تتكرر على صورة واحدة في مناسباتها فلا يستبيح الكاتب أن يتصرف في ألفاظها ولا في ترتيب عباراتها وصيغة استهلالها وختامها، أو «ديباجتها وتقفيلتها» باصطلاحهم الذي حافظوا عليه نحو قرن كامل بعد هذه الفترة.
وجرى الاصطلاح على المفردات المتفرقة كما جرى على الجمل والعبارات في تلك الرسائل الرسمية، فأصبحت لغة الدواوين «لغة خاصة» بين الفصيحة والدارجة تتخللها الكلمات التركية أو الكلمات العربية بأوزانها التركية، وتندر فيها ملاحظة قواعد الإعراب فضلا عن قواعد الصرف على أصولها العربية.
ولم تكن هناك «كتابة» بمعناها المفهوم في أغراض الأدب والثقافة، فلم يكن في القرن الثامن عشر من يكتب ليعبر عن فكرة أدبية أو عن حالة نفسية، أو ليصور للقارئ معنى مبتكرا من عنده، أو معنى مفهوما من معاني العلم والمعرفة، وإنما الكاتب يومئذ من كان يستظهر أنماطا من الصيغ يتداولها جميع الكتاب على صورة واحدة في مناسباتها، ولا يستطيعون إعادتها بمعناها على صورة أخرى غير التي حفظوها وتداولوها.
أما كتابة «التعبير» فقد تعطلت في عصور الجمود والتقليد، ولم يشعر أحد بالحاجة إليها للتأليف والتصنيف أو للإفضاء بما عنده من الخواطر والآراء؛ إذ لم يكن ثمة من يؤلف ويصنف، ولم تكن ثمة خواطر وآراء يتبادلها الكتاب والقراء؛ بل لم يكن ثمة من يقرأ القديم ويرغب في نسخه وحفظه، وفي تعلمه وتعليمه؛ لقلة العناية بالعلم في غير أغراضه المتواترة التي يكتفون فيها بالحفظ والنقل والمحاكاة.
وظلت الكتابة للتعبير معطلة إلى أوائل القرن التاسع عشر الذي تنبهت فيه البلاد العربية لموقفها من أمم الحضارة، فاحتاجت إلى التعلم منها كما احتاجت إلى إحياء علومها وآدابها التي بقيت لها بقية من الفخر بها والحنين إليها، فانبعثت الكتابة العربية الحديثة مع حركة الترجمة وحركة الطباعة، وولدت «أساليب الكتابة» في مولدها الجديد يوم احتاج المترجم إلى فهم شيء مفصل مشروح بين يديه يؤديه من عنده بعبارة عربية تطابقه في معناه، ويوم شعر بالضرورة التي تلجئه إلى مراجعة كتب السلف ليتعلم منها أساليب الأداء ويستوعب منها محصوله من المفردات والتراكيب.
وبدأت الكتابة العربية - مع ابتداء حركة الترجمة والطباعة - ضعيفة متعثرة تشبه كتابة الدواوين وتلتفت إليها، ثم نشطت من عقالها قليلا قليلا حتى استقامت على قدميها في شيء من الاستقلال والثقة، فانقضى جيل من المترجمين والكتاب أو جيلان قبل أن تظهر في عالم الكتابة العربية أقلام يتميز بينها قلم من قلم، وأسلوب من أسلوب، ويتحدث القراء عن أسلوب هذا الكاتب وأسلوب ذاك.
وتنوعت الأساليب على حسب القراءات والمطالعات، فالذين أكثروا من قراءة كتب الأدب أو قراءة كتب التفسير والأحاديث النبوية ظهرت في أسلوبهم جزالة اللفظ وسلامة التركيب، وقلت فيه أخطاء النحو والصرف ومآخذ اللغة على الإجمال، والذين أكثروا من قراءة كتب التاريخ والدراسات الاجتماعية ومراجع الحقوق والأحكام ظهرت في أسلوبهم سلاسة التعبير وسهولة الأداء ودقة المعنى على منهج أصحاب العلوم أو أصحاب الأحكام، ولكنهم لم يسلموا من بعض الخطأ في قواعد الإعراب والتصريف على ديدن أمثالهم ونظرائهم بين الكتاب الأقدمين.
অজানা পৃষ্ঠা