فإذا علم ما ذكرته وتقرر ما وصفته كان حقا على الانسان أن يسلك طريق العقلاء ويذهب مذهب البصراء فنسأل الله الكريم الرؤوف الرحيم أن يمن علينا بذلك ويهدينا إلى أرشد المسالك، وها أنا شارع في جمع كتاب يكون مبينا لسلوك الطريق التي قدمت وسبيلا إلى التخلق بالأخلاق الجميلة التي وصفت، أذكر فيه إن شاء الله تعالى جملا من نفائس اللطائف وحقائق المعارف، وأنثر ما ذكره فيه نثرا ليكون أبعد لمطالعه عن الملل وأقرب للذكرى، ولا التزم فيه ترتيبه على الأبواب فإن ذلك مما يجلب الملل للناظر في الكتاب، وأذكر فيه إن شاء الله تعالى من الآيات الكريمات والأحاديث النبويات وأقاويل السلف المنيرات، ومستجاد لمأثور عن الأخيار من عيون الحكايات والأشعار المستحسنة الزهديات، وأبين في أكثر الأوقات صحة الأحاديث وحسنها وحال روايتها، وبيان ما يخفى ويشكل من معانيها وأضبط ما يحتاج إلى تقييد حذرا من التصحيف وفرارا من التغيير والتحريف.
ثم إني أذكره بإسنادي فيه، لكونه أوقع في نفوس مطالعيه، وقد أحذف الاسناد للاختصار وخوفا من التطويل والاكثار، ولكونه هذا الكتاب موضوعا للمتعبدين ومن ليسوا إلى معرفة الاسناد بمحتاجين بل يكرهونه معظم الحالات لما يلحقهم بسببه من السآمات، وأكثر ما أذكره مما أرويه بحمد الله وفضله بالأسانيد المشهورة المعروفة من الكتب الظاهرة المتداولة المعروفة، وإذا كان في الحديث أو الحكاية لفظة لغة أو إسم شخص قيدتها وأوضحتها بالضبط المحكم وأتقنتها، وما احتاج فيها إلى شرح شرحته وما كان معرضا لأن يغلط في معناه بينته، ويندرج في ضمن هذا الكتاب إن شاء
1 / 8