وكان زياد الأعجم [١] قد ألحّ على بنى الحبناء يهجوهم بالبرص.
فمن ذلك قوله:
عجبت لأبلق الخصيين عبد ... كأنّ عجانه الشّعرى العبور [٢]
فلما قيل له: قد رفعتهم يا أبا أمامة. قال: والله لأرفعنّهم أيضا.
فقال:
لا يبرح الدّهر منهم خارىء أبدا ... إلّا حسبت على باب استه القمرا [٣]
والبياض والأوضاح تستعير ذكره العرب وتنقله في الأماكن. قال الرّعل ابن جبلة:
والناس كالخيل إن ذمّوا وإن مدحوا ... فذو الشّيات كذا في النّاس أوضاح [٤]
_________
[١] هو الشاعر الأموي المعمّر زياد بن سلمى، ويقال ابن جابر، بن عمرو بن عامر، من عبد القيس. وكانت فيه لكنة، فلذلك سمي «الأعجم» . وقال ابن قتيبة: «وهو كثير اللحن في شعره ولهذا قيل له «الأعجم» . وكان زياد مولعا بالهجاء، وكان من أمر مهاجاته للمغيرة ابن حبناء أنهما اجتمعا مع طائفة من الشعراء عند المهلّب، وتباروا في مديحه، فأجازهم جميعا وآثر زيادا عليهم بأن وهبه غلاما فصيحا ينشد شعره لما كان فيه من لكنة. فأقبل المغيرة على الأمير يراجعه في ذلك فهاجاه زياد. وانظر ترجمته في: الشعراء ٤٣٠- ٤٢٣، والمؤتلف ١٣١- ١٣٢، والأغاني ١٤: ٩٨- ١٠٥، ومعجم الأدباء ١١: ١٦٨، والخزانة ٤:
١٩٢- ١٩٤.
[٢] الشعراء ٣٩٨ بالرواية نفسها. وفي الأغاني ١١: ١٦١ «لأبيض الخصيين» .
والعجان: ما بين القبل والدبر. والشعرى العبور: كوكب نير في الجوزاء، يقال إنها عبرت السماء عرضا، ولم يعبرها عرضا، غيرها.
[٣] وكذا في الأغاني ١١: ١٦١. وفي الشعراء «لا يدلح الدهر»، وفي عيون الأخبار ٤: ٦٦: «ما إن يدبح» و.. «إلا رأيت» .
[٤] الشّيات: جمع شية، وهو كل لون يخالف معظم لون الفرس وغيره. في الأصل «الشباب» .
1 / 55