وكان أوفى مع شرفه وسودده قصيرا نحيفا، وهو الذي يقول:
إن أك قصدا في الرّجال فإنّني ... إذا حلّ أمر ساحتي لجسيم [١]
وهذا شبيه بقول آخر:
إذا كنت في القوم الطّوال فضلتهم ... بعارفة حتّى يقال طويل [٢]
فهؤلاء بعض من فخر بالعرج، وسنذكر ذلك في باب القول في العرجان إن شاء الله.
فأمّا من فخر بالعمى فمنهم بشّار بن برد، وكنيته أبو معاذ، ولقبه المرعّث، مولى لبنى عقيل، وهو الذي يقول:
إذا ولد المولود أعمى وجدته ... وجدّك، أهدى من بصير وأحولا [٣]
عميت جنينا والذّكاء من العمى ... فجئت عجيب الظّنّ للعلم معقلا
وغاض ضياء العين للعلم رافدا ... لقلب إذا ما ضيّع النّاس حصّلا [٤]
_________
[١] روي هذا البيت في الحماسة ٧١١ بشرح المرزوقي بدون نسبة. وورد في عيون الأخبار ٤: ٥٤ منسوبا إلى أوفى موله، صوابه «بن موءلة» كما هنا. والقصد: الوسط.
[٢] البيت لأحد الفزاريّين كما في الحماسة ١١٨٢ بشرح المرزوقي وهو لمبشّر بن هذيل الفزاري كما في معجم المرزباني ٤٧٤، وهو في البيان ٣: ٢٤٤ بدون نسبة. وأنشده في عيون الأخبار ٤: ٥٤ مسبوقا بقوله: «وقال آخر وكان قصيرا» . والعارفة: اليد تسدى. وليس لها فعل، وهي فاعلة بمعنى مفعولة. أو عارفة: ذات عرف طيب، لأنها تذكر فيثنى على صاحبها كما في شرح التبريزي للحماسة.
[٣] أحول، من الحيلة، أي أكثر حيلة. وفي شرح المقامات للشريشي ١: ١١٦:
«أجولا» بالجيم، وهو ما أثبته جامع ديوان بشار ٤: ١٣٦ والوجه، هنا.
[٤] يعني أن العمى يكون رافدا للعلم ومعينا عليه. وفي الأصل: «رافد» بالرفع،-
1 / 48