فأما قوم فقد يظنون أنه — 〈لما〉 كان قد يجب أن تعلم الأوائل — فإنه ليس 〈تمكن ا〉لمعرفة. وقوم آخرون قد يظنون أنه قد توجد معرفة، غير أن البرهان قد يكون على كل شىء. وهذان الرأيان ولا واحد منهما صادق، ولا أيضا ضرورى. فإنه : أما أولئك فإنهم لما وضعوا أنه لا سبيل إلى علم شىء على وجه آخر، ولا يوجبون التصاعد إلى ما لا نهاية، قالوا بذلك من قبل أنه لا سبيل إلى علم الأشياء التى هى أكثر تأخرا من الأشياء التى هى أكثر تقدما من أمور لا أوائل لها. (وقولهم هذا مستقيم صواب، وذلك أنه غير ممكن أن نقطع الأشياء التى لا نهاية لها). فإن كانت متقدمة وقد توجد مبادئ فهذه هى غير معلومة، إذ كان ليس عليها برهان. وهذا هو الذى يقولون إنه وجده فقط معنى العلم.
فإن لم يكن سبيل إلى علم الأوائل، فإنه لا سبيل إلى أن نعلم على الإطلاق الأشياء أيضا التى عن هذه. ولا سبيل أيضا إلى أن تعلم على الحقيقة، اللهم إلا أن تكون بنحو الأصل الموضوع، وهو إن كانت تلك موجودة.
وأما أولئك الآخرون فقد يقرون ويذعنون بوجود العلم. وذلك أنهم يقولون إن العلم إنما هو بالبرهان فقط، غير أنهم يقولون إنه لا مانع يمنع أن يكون برهان على كل شىء. فإنهم زعموا أنه قد يمكن أن يكون البرهان دورا ولبعض الأشياء ببعض.
وأما نحن فنقول أن ليس كل علم فهو برهانا، لكن العلم الذى من غير توسط هو غير مبرهن. (فأما أن هذا واجب ضرورة فهو بين. وذلك أنه إن كان قد يجب ضرورة أن نعرف الأشياء التى هى أكثر 〈تقد〉ما والأشياء التى منها البرهان، وقد تقف المتوسطات وقتا ما: فهذه قد يجب ضرورة أن تكون غير مبرهنة). فهذا القول نقول فى هذه على هذا النحو؛ وأنه ليس إنما يوجد العلم فقط، بل قد نقول إنه يوجد أيضا مبدأ ما للعلم هو الذى به تتعرف الحدود.
পৃষ্ঠা ৩১৮