وقد سمعت شيخنا أبا محمد بن الخشاب رحمة الله عليه وكان إمام أهل عصره في العربية، يقول: قد فتشت دواوين الأخطل العتيقة، فلم أجد هذا البيت فيها، وقال أبو نصر السجزي: إنما قال الأخطل:
إن البيان من الفؤاد فحرفوه ... .. .. .. ..
وقالوا: إن الكلام ثم لو صح ذلك فإنما سماه كلاما، مجازا. يعني: أن عقلاء الناس لا يتكلمون إلا بعد روية وفكر واستحضار معنى الكلام في القلب كما قيل: لسان الحكيم من وراء قلبه، فإذا أراد أن يتكلم نظر، فإن كان له قال: وإلا سكت، والأحمق إنما كلامه على طرف لسانه.
ويتعين حمل قوله على المجاز لثبوت حقيقة الكلام في النطق بما قد ذكرنا يقينا ولأن حقيقة الشيء ما يتبادر إلى الأفهام من إطلاق اللفظ به، وهو ما قلنا؛ ولأن تأويل كلمة الأخطل بحملها على مجازها أولى من تأويل قول الله، وقول رسوله، وقول سائر الخلق.
ثم إن قدرنا أن كلام الأخطل لا يحتمل التأويل؛ فنسبة الخطأ إليه أولى من نسبته إلى أهل العربية الذين ذكروا حقيقة الكلام، وقولهم لا يحتمل التأويل أيضا.
ثم لو قدرنا خلو كلام الأخطل عن معارض لم يجز أن يبنى مثل هذا الأصل العظيم وتأسيس مذهب برأسه على كلمة شاذة نادرة لا يعتقدها دليلا مع إمكان خطأ قائلها، فإنه ليس بمعصوم من الخطأ، ولا هو من أهل الدين والتقى: نصراني يقذف المحصنات، ويهجو الأنصار، ويعيب الإسلام، فلو لم يكن في مذهبهم من العيب، إلا أن أساسه كلمة من قول الأخطل، لكان من أشد العيب، فكيف وقد خالفوا ربهم تعالى ونبيهم صلى الله عليه وسلم وسائر أهل اللسان من المسلمين وغيرهم.
فما مثلهم إلا كمثل من بنى قصرا شامخا وجعل أساسه أعواد القنب في مجرى السيول.
পৃষ্ঠা ১৫২