العاشر: أن القرآن كلام الله تعالى باتفاقنا. والكلام إنما هو اللفظ المشتمل على الحروف، بدليل قوله تعالى: {آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا. فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا}. وأراد اللفظ دون المعنى؛ لأن الوحي إليهم تضمن المعنى، ولزم منه حضور المعنى في قلبه، وقد نفى كونه كلاما.
وكذلك قوله تعالى: {إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا. فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا. يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا. فأشارت إليه} والحجة مثل الحجة من الآية الأولى.
وقال الله تعالى: {ويكلم الناس في المهد وكهلا} في اللفظ والمعنى في القلب لا يحصل به تكلم.
وقال: {وكلم الله موسى تكليما}.
وقال: {لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا}.
وقال: {وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم}.
ومن السنة: قول النبي صلى الله عليه وسلم : ((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى وصاحب جريج وصبي آخر أراد اللفظ)).
وقال صلى الله عليه وسلم : ((بينما رجل يسوق بقرة إذ ركبها فقالت له: إني لم أخلق لهذا، وإنما خلقت للحرث، فقال الناس: سبحان الله، بقرة تتكلم؟)) فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((فإني آمنت بهذا أنا وأبو بكر وعمر)) وما هما في القوم وقال: وبينما راع يرعى غنما إذ عدا ذئب فأخذ شاة فخلصها منه الراعي، فالتفت إليه الذئب وقال: من لها يوم السبع يوم لا راعي لها غيري. فقال الناس: سبحان الله، ذئب يتكلم؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((فإني آمنت بهذا أنا وأبو بكر وعمر)) وما هما في القوم.
পৃষ্ঠা ১৪৯