قلت: قلت: ثم قال المنصور بالله -عليه السلام- عقيب هذه الأحاديث: واعلم أن الله تعالى قد ذكر في هذه الآية فرض طاعته على خلقه ثم ثنى برسوله -صلى الله عليه وآله وسلم، ثم ثلث من غير فاصلة بفرض ولاية أمير المؤمنين(1) كما قال تعالى: {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد}[ ]} فأثبت له الإنذار بلفظ إنما [38-ب] لأنها للتحقيق والإثبات، وقد روي عن عبد الله بن مسعود {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا}[ ]} في قرآته، ذكر لفظة مولى عوضا عن الولي لأنهما بمعنى واحد، ثم قال -عليه السلام-: وقد ذكرنا الأخبار الواردة في الآية وأن المراد بها علي بن أبي طالب -عليه السلام- من طرق أهل البيت -عليهم السلام- وذكرنا أسانيدها وأودعناها آخر الكتاب -يعني في كتابه (الشافي)(2)، - قلت: قلت : وهي كذلك فيه- قال- لما اتفق ذكر ذلك- قال: فقد اتفق الخاصة والعامة على أن المراد بالآية علي بن أبي طالب [36أ-أ] وهذا نص صريح في صحة إمامته -عليه السلام- ووجوب خلافته عقيب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بلا فصل؛ لأنه رتب الولاية ثلاث مراتب: لله سبحانه، وللرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- وللمتصدق بخاتمه وهو راكع، وهو علي بن أبي طالب -عليه السلام- فهو الولي النافذ التصرف في الأمة كما يقال: هذا ولي المرأة وولي اليتيم، ثم قال -عليه السلام-: فإن (قال)(3) قائل إن الآية أتت بذكر الذين آمنوا بلفظ الجمع وهذا عام في الذين آمنوا؛ لأن كلا منهم يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، فأي تخصيص حصل لأمير المؤمنين -عليه السلام-؟ وأي فرق علم من مفهوم الآية؟ قلنا: الجواب عن ذلك أن الله سبحانه وتعالى قال: {والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون}[ ]} ولا نعلم من لدن آدم -عليه السلام- إلى يومنا هذا أن أحدا تصدق بالخاتم في الركعة ونزلت في حقه غير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -عليه السلام، فأبان الفرق غاية الإبانة وخصص ما كان بلفظ العموم غاية التخصيص بقوله: {وهم راكعون}[ ]} وهذه النون [في الذين آمنوا] نون العظمة قال تعالى: {نحن نقص عليك أحسن القصص}[ ]} وهو تعالى واحد [وقال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}[ ] فتكون حينئذ نون العظمة لا نون الجمع والمراد بها الواحد] ونقيس على لفظتها التثنية، وقد ذكره الله تعالى في آية المباهلة بلفظ الجمع وفاطمة -عليهما السلام- بقوله سبحانه: {أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم}[ ]} وذلك شائع في اللغة العربية؛ فإذا حصل الاتفاق من الخاص والعام أن هذه الآية مختصة بأمير المؤمنين -عليه السلام- فليس أحد ممن قال بولايته وولاية غيره يرتاب في اختصاصها به -عليه السلام- فنقول: أن معنى قوله تعالى: {إنما وليكم الله...}[ ]} يريد أولى بكم من أنفسكم ورسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- كذلك أولى بكم من أنفسكم يدل عليه قوله تعالى: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم}[ ]} وقد شرك سبحانه من ولايته وولاية رسوله ثانيا، وعينه تعيينا جليا وأشار إليه بإيتاء الزكاة في الركعة إشارة متفقا عليها من الخاص والعام؛ فثبت له من فرض الولاية ما ثبت لله تعالى ولرسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- على كافة خلق الله تعالى كما ثبت لله تعالى ولرسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- [36ب-أ] بلفظ ولي في الآية، ثم قال -عليه السلام: ولولا ما حجزنا به إيماننا من الوقوف دون الحدود المضروبة محاذرة الوقوع فيها لقلنا لتظاهر الأدلة ما قاله أبو فراس(1):
পৃষ্ঠা ১২০