وبعد فهذا كتاب جمعت فيه ما نتخبته من الآثار الموقوفة والمقطوعة التي أوردها الحافظ الشهير المصنف المتفنن أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى البيهقي رحمه الله في كتابه (شعب الإيمان)، ذلك الكتاب الذي عرف فضله المتقدمون فازدادت عنايتهم به، وما أنصفه المتأخرون - إلا قليلا - بل ظلموه وأهملوه - في الجملة - ولا سيما أهل هذه الأعصر المتأخرة فتأخر طبعه ، ولم يعتنوا به ولم ينتشر الانتشار اللائق به وأعرض عنه كثير من الناس لطوله وكثرة أسانيده وطرقه وتكرارها وضعف كثير من أحاديثه، ولضعف هممهم وقلة علمهم وأمور أخرى، فجهلوا قدره وحرموا من كنوزه إلا القليل جدا منهم؛ فرأيت أن أقوم بشيء من حقه وذلك بخدمة ما ليس مرفوعا من آثاره؛ فاستللتها من أصلها ونظرت فيها كلها، ثم قربتها بإفرادها واختصرتها بحذف إسنادها، ويسرتها بترقيمها، وفسرتها بتقسيمها، وأصلحتها باستدراك سقطها(1) وإزالة غلطها وتصحيح تصحيفها وتحرير تحريفها(1)، على قدر الإمكان - وهذبتها بقذف مطروحها وحذف مجروحها؛ وأوضحت جملة مما قد يشكل منها أو يغمض معناه بالبيان له والإفصاح عن مغزاه، فصار الكتاب بحمد الله تحفة نفيسة عالية وجوهرة عزيزة غالية، محتويا على حكم جليلات بديعات وفصول من العلم نافعات؛ فإن شئت فسمه (تقريب شعب الإيمان) ، وإن أحببت فصفه بأنه (تهذيب لآثار الشعب غير المرفوعة)، وإن أردت فقل إنه مجموع من بضع وسبعين رسالة في أعمال القلوب وغيرها من أقسام الإيمان وشعبه وما يتعلق بها.
وأما شرطي في هذا الكتاب فيتبين مما يلي:
পৃষ্ঠা ৪