هذا، واستفادة ما يتميز به الحكم من الحق وكيفية الحق من بين سائر الحقوق من الموازين المتقدمة، إنما هي من الأدلة بحسب ما يستفيده الفقيه منها، لا ما قيل في إثبات ذلك بالرجوع إلى ثبوت الآثار وعدمه من النقل والسقوط، لأن ذلك - مع كونه مستلزما للدور - غير مطرد، ضرورة أن الحكم مما لا يسقط ولا ينقل، لا كل ما لا يسقط ولا ينقل كان حكما، فإن الحقوق بعضها كالأحكام لا يسقط بالاسقاط ولا ينقل بالنواقل - كما عرفت -.
نعم، لو دل الدليل على السقوط أو الانتقال أفاد كونه حقا، لأن الأحكام بأسرها لا تقبل شيئا من ذلك. وحيثما شك في شئ من ذلك كان المرجع فيه إلى ما تقتضيه الأصول والقواعد. فلو شك في شئ بين كونه حكما أو حقا نفي كل أثر وجودي مترتب على كل منهما بالأصل، فلا يبنى على السقوط بالاسقاط، ولا على الانتقال بالنواقل، لابتناء ذلك على إحراز كونه حقا، ويكفي الشك فيه، فضلا عن كون مقتضى الأصل عدمه، وإن لم يثبت بذلك كونه حكما، لأنه من الأصل المثبت. وكذا لو شك في قابلية إسقاط الحق ونقله بعد إحراز كونه حقا، للشك في علية الموجب وعدمها، أو في اعتبار ما يوجب الاختصاص وعدمه، وإن أحرز كون الموجب مقتضيا، فإنه لا يترتب عليه شئ مما يتوقف ترتبه على إحراز القابلية - أولا - نعم، يجوز التمسك بالعمومات بعد إحراز الصدق العرفي والقابلية العرفية عند الشك في القابلية الشرعية المنبعث عن الشك في تخطئة الشارع لما هو عند العرف، أو تصرف منه فيه باعتبار شئ فيه، أو مانعية شئ عنه. فيدفع بالعمومات المتوجهة نحوهم الدالة على إمضاء ما هو المتعارف عندهم. إلا أن ما نحن فيه ليس من هذا القبيل، لمعلومية اختلاف الحقوق شرعا في جواز الاسقاط وعدمه، وجواز النقل وعدمه. وإنما الشك في اندراج المشكوك في أي قسم منهما مصداقا، وبالعموم لا يتميز المصداق - قطعا -.
পৃষ্ঠা ১৯