فيه زياداته على "الصحاح"، وأكثر في عدد الكلمات، وقرئ عليه، وكان أولا ابتدأ بكتاب كبير في اللغة "اللامع المعلم العجاب الجامع بين المحكم والعباب" وكان يقول: لو كمل لكان مائة مجلد.
وذكر عنه الشيخ برهان الدين الحلبي أنه تتبع أوهام "المجمل" لابن فارس في ألف موضع، وكان مع ذلك يعظم ابن فارس ويثني عليه.
وقد أكثر المجاورة بالحرمين، وحصل دنيا طائلة، وكتبا نفيسة، لكنه كان كثير التبذير، وكان لا يسافر إلا وصحبته عدة أحمال من الكتب، ويخرج أكثرها في كل منزلة ينظر فيها ويعيدها إذا رحل، وكان إذا أملق باعها.
وكان الأشرف كثير الإكرام له، حتى إنه صنف له كتابا وأهداه له على أطباق فملأها له دراهم.
وصنف للناصر كتابا سماه "تسهيل الوصول إلى الأحاديث الزائدة على جامع الأصول"١ و"الإصعاد إلى رتبة الاجتهاد" في أربعة أسفار، وشرع في شرح مطول على "البخاري" ملأه بغرائب المنقولات. ذكر لي أنه بلغ عشرين سفرا، إلا أنه لما اشتهرت باليمن مقالة ابن عربي٢ ودعا إليها الشيخ إسماعيل الجبرتي، وغلب على علماء تلك البلاد، صار الشيخ مجد الدين يدخل في "شرح البخاري" من كلام ابن العربي في "الفتوحات"٣ ما كان سببا لشين الكتاب. ولم أكن أتهم الشيخ بالمقالة المذكورة، إلا أنه كان يحب المدارة، وكان الناشري -فاضل الفقهاء بزبيد- يبالغ في الإنكار على إسماعيل -وشرح ذلك يطول- ولما اجتمعت بالشيخ مجد الدين أظهر
_________
١ بهامش نسخة مخطوطة من هذا الكتاب حاشية مثالها: قال لنا شيخنا المصنف: إن لذلك فوائد منها أن يصلح ما عساه يعرض للكتب من الفساد في الحمل من بلل أو حك أو نحو ذلك، ومنها أن القطاع إذا رأوا شخصا جالسا وحوله عدة من الكتب هابوه فربما لم يعرضوا له بسوء.
٢ لعل المراد قوله بوحدة الوجود.
٣ الفتوحات المكية لابن عربي. من أشهر كتبه، وقد طبع مرات.
1 / 28