باب في تصريف الجد إلى الهزل والهزل إلى الجد
قال منصور بن عمار (1): خرجت في ليلة قد قيدت العيون ظلامها، وأخذ بالأنفاس حندسها، فما يسمع إلا غطيط. ولا يحس إلا نباح، فوجدت في بعض أبواب أهل الدنيا الذين قد سخرهم زخرفها، وراقهم زبرجها، وشغف قلوبهم بهجتها، رجلا واقفا وهو يقول بصوت لم يسمع أحسن منه ولا أشجى لقلب ولا أقرح لكبد ولا أبكى لعين:
أنا المسيء المذنب الخاطي
المفرط البين إفراطي
فإن تعاقب كنت أهلا له
وأنت أهل العفو عن خاطي
فلا والله أن ملكت نفسي، وتذكرت ما سلف من ذنوبي، ووقفت كالواله المرعوب الحائر قد امتلأت من الله خوفا، وعملت على أني قد أحرزت وعظا فقلت: أيها القائل ما أسمع والباكي على ما سلف زدنا من هذا، فإن دواءك قد وافق داء قديما فعسى أن يشفيه، فزاد في صوته بترجيع قوله الذي قرح، قلبي وذكرني ذنبي، ثم قال:
يا ساحرا أورطني حبه
وعشقه في شر إيراط
قلت: قبحك الله واعظا وترحك، وآجرني على وقفتي عليك وطلبي منك، وأنت تطيع الشيطان وتعصى الرحمن، ثم قلت: اللهم اغفر لي وتب عليه.
وقال عوف بن مسكين: سمع الربيع بن خثيم في جوف الليل رجلا يقول:
পৃষ্ঠা ৯৯