بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر قال، قال الفضل بن يحيى: الناس أربع طبقات: ملوك قدمهم الاستحقاق، ووزراء فضلهم الفطنة والرأي، وعليه أنهضهم اليسار، وأوساط ألحقهم بهم التأدب، والناس بعدهم زبد جفاء وسيل غثاء لكع ولكاع وربيطة اتضاع، هم أحدهم طعمه ونومه. وقال معاوية للأحنف: صف لي الناس. فقال: رؤوس رفعهم الحظ، وأكتاف عظمهم التدبير، وأعجاز شهرهم المال، وأدباء ألحقهم بهم التأدب، ثم الناس بعدهم أشباه البهائم، إن جاعوا ساموا، وإن شبعوا ناموا. وقال بزرجمهر لرجل: إن أردت أن تبلغ أحظى درجة الآداب وأهلها، فاصحب ملكا أو وزيرا، فإنهما برغبتهما في معرفة أيام الملوك وأخبارهم، والآداب وأهلها، وقسمة الفلك ونجومه، يبعثانك على طلب ذلك. قال: فما وسيلتي إليهما؟ قال: انتحال ذلك رسم الإدراك، والطلب مادة الوجود والآداب عند الهمة. وقال أسامة بن معقل: كان السفاح راغبا في الخطب والرسائل، يصطنع أهلها ويثيبهم عليها، فحفظت ألف رسالة وألف خطبة طلبا للحظوة عنده فنلتها، وكان المنصور بعده معنيا بالأسمار والأخبار وأيام العرب، يدني أهلها ويجيزهم عليها. فلم يبق شيء من الأسمار والأخبار إلا حفظته طلبا للقربة منه، فظفرت بها. وكان موسى مغرما بالشعر يستخلص أهله فما تركت بيتا نادرا، ولا شعرا فاخرا، ولا نسيبا سائرا إلا حفظته، وأعانني على ذلك طلب الهمة في علو الحال. ولم أر شيئا أدعى إلى تعلم الآداب من رغبة الملوك في أهلها وصلاتهم عليها. ثم زهد هارون الرشيد في هذه الأربعة وأنسيتها حتى كأني لم أحفظ منها شيئا. دخل الشعبي على الحجاج فقال:
পৃষ্ঠা ৫৭