قالوا: وبلاد طنجة مدينتها وليلة، والغالب عليها المعتزلة، وعميدهم اليوم إسحاق بن محمد بن عبد الحميد، وهو صاحب إدريس بن إدريس، وإدريس موافق له، وأم إدريس بربرية مولدة، وبربر أخواله، واسم أم إدريس كنز، وهي التي كانت تتولى طعامه وطبيخه خوفا من السم. ومن وليلة إلى طنجة إلى ناحيتي مدينة السوس الأدنى مسيرة عشرين ليلة، وليس في بلادهم نخل، ولا كرم، ولا زيتون. ولهم القمح، والشعير، والأغنام، والرماك، والبقر، والعسل، وليس لهم قطن ولا كتان، لباسهم الصوف، وزرعهم على ماء السماء، ومن آخر مدينة السوس إلى آخر طرقلة مدينة السوس الأقصى شهران، وليس وراء طرقلة أنس.
ومن عجائبهم وادي الرمل ومدينة البهت، وهي في بعض مفاوزها، قال:
ولما فرغ الإسكندر من فتح مصر أخذ متيامنا نحو المغرب حتى انتهى إلى أمة من بني إسرائيل قوم موسى بمدينة لهم وكانوا عبادا أتقياء، فلما انتهى إلى تخوم أرضهم بلغهم وروده عليهم فاجتمع عظماؤهم وأحبارهم وكتبوا إليه: بسم الله ذي الطول والمن، من البرجمانيين الفقيرين إلى الله وذوي التواضع لله إلى الإسكندر المغتر بالدنيا، أما بعد فقد بلغنا مسيرك إلينا، فإن كنت محاربا كما حاربت غيرنا لتأخذ من دنيانا، فارجع فما لك عندنا طائلة، ولا لك في قتالنا نفع، لأنا أناس مساكين، ليست لنا أموال، ولا للملوك في أرضنا أرب، وإن كنت إنما تقصد نحونا لتطلب العلم فارغب إلى الله أن يفقهك ويهديك، مع علمنا أنك لا تحب ذلك، لأن انهماكك في طلب الدنيا بلا فكرة في زوالها وانقطاعها عنك، يدل أنك غير راغب فيها، فأما نحن فقد خلينا الدنيا ورفضناها، ورغبنا في الآخرة وتشوقناها، فانصرف أيها العبد عنا، ولا تؤذينا وتخرب بلادنا، ولا أرب لك فينا.
فلما أتاه الكتاب عزم على إتيانهم في مائة فارس من علماء أصحابه وزهادهم، وقد كان بينه وبينهم بحر رمل يجري كما يجري الماء، ويسكن كل يوم سبت فلا يتحرك إلى الليل، ومدينتهم تسمى مقيارات، وحولها تسع قريات، وهم متفرقون فيها، وأسماؤها: عطروت، وربعون، ويمحون، وقنوا، وحسنون، وبعلى، وسبام، وبنوا، وبنعون، ودورهم مستوية، وليس فيهم رجل أغنى من
পৃষ্ঠা ১৩৬