فدخل عليه رجل كان له جارا، وكان لي صديقا، فلم يعرض عليه الطعام ونحن نأكل (وكان أبخل من خلق الله)، قال: «فاستحييت منه»، فقلت: «سبحان الله! لو دنوت فأصبت معنا مما نأكل» . قال:
«قد والله فعلت» . فقال الكندي: «ما بعد الله شيء» . قال عمرو:
«فكتفه، والله كتفا لا يستطيع معه قبضا ولا بسطا، وتركه، ولو مدّ يده لكان كافرا، أو لكان قد جعل مع الله، جلّ ذكره، شيئا» .
وليس هذا الحديث لأهل مرو ولكنه من شكل الحديث الأول.
وقال ثمامة «١»: «لم أر الديك في بلدة قطّ إلا وهو لا قط، يأخذ الحبة بمنقاره، ثم يلفظها قدام الدجاجة، إلا ديكة مرو، فإني رأيت ديكة مرو تسلب الدجاج ما في مناقيرها من الحب» . قال: «فعلمت إن بخلهم شيء في طبع البلاد، وفي جواهر الماء، فمن ثمّ عمّ جميع حيوانهم» .
فحدّثت بهذا الحديث أحمد بن رشيد، فقال: «كنت عند شيخ من أهل مرو، وصبيّ له صغير يلعب بين يديه، فقلت له، إما عابثا وإما ممتحنا: «أطعمني من خبزكم» . قال: «لا تريده، هو مرّ» . فقلت:
«فاسقني من مائكم» قال: «لا تريده، هو مالح» . قلت: «هات لي من كذا وكذا» قال: لا تريده، هو كذا وكذا» . إلى أن عددت أصنافا كثيرة، كل ذلك يمنعنيه ويبغضه إليّ. فضحك أبوه وقال: «ما ذنبنا؟
هذا من علّمه ما تسمع»؟ يعني أن البخل طبع فيهم، وفي إعراقهم، وطينتهم.
وزعم أصحابنا أن خراسانية ترافقوا في منزل، وصبروا عن
1 / 38