199

বুহুথ ফি মিলাল ওয়া নিহাল

জনগুলি

و روحه كالأرض الخالية تنبت ما ألقي فيها ، وعلى هذا الأساس لا يصح لنا أن نقول : إن الصحبة والمجالسة وسماع بعض الآيات والأحاديث ، أوجدت ثورة عارمة في صحابة النبي صلى الله عليه وآلهوسلم وأزالت شخصياتهم المكونة طيلة سنين في العصر الجاهلي ، وكونت منهم شخصيات عالية تعد مثلا للفضل والفضيلة.

مع أنهم كانوا متفاوتين في السن ومقدار الصحبة ، مختلفين في الاستعداد والتأثر ، وحسبك أن بعضهم أسلم وهو صبي لم يبلغ الحلم ، وبعضهم أسلم وهو في أوليات شبابه ، كما أسلم بعضهم في الأربعينات والخمسينات من أعمارهم ، إلى أن أسلم بعضهم وهو شيخ طاعن في السن يناهز الثمانين والتسعين.

فكما أنهم كانوا مختلفين في السن عند الانقياد للإسلام ، كذلك كانوا مختلفين أيضا في مقدار الصحبة فبعضهم صحب النبي صلى الله عليه وآلهوسلم من بدء البعثة إلى لحظة الرحلة ، وبعضهم أسلم بعد البعثة وقبل الهجرة ، وكثير منهم أسلموا بعد الهجرة وربما أدركوا من الصحبة سنة أو شهرا أو أياما أو ساعة ، فهل يصح أن نقول : إن صحبة ما ، قلعت ما في نفوسهم جميعا من جذور غير صالحة وملكات رديةوكونت منهم شخصيات ممتازة أعلى وأجل من أن يقعوا في إطار التعديل والجرح؟!

إن تأثير الصحبة عند من يعتقد بعدالة الصحابة كلهم أشبه شيء بمادة كيمياوية تستعمل في تحليل عنصر كالنحاس إلى عنصر آخر كالذهب ، فكأن الصحبة قلبت كل مصاحب إلى إنسان مثالي يتحلى بالعدالة ، وهذا مما يرده المنطق والبرهان ، وذلك لأن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآلهوسلم لم يقم بتربية الناس وتعليمهم عن طريق الإعجاز ( فلو شاء لهداكم أجمعين ) (1) بل قام بإرشاد الناس ودعوتهم إلى الحق وصبهم في بوتقات الكمال مستعينا بالأساليب الطبيعية والإمكانيات الموجودة كتلاوة القرآن الكريم ، والنصيحة بكلماته النافذة ، وسلوكه القويم وبعث رسله ودعاة دينه إلى الأقطار ونحو

পৃষ্ঠা ২০৬