الثالث : أن بعضهم قد يعترض على استدلالنا على كون الضاد الطائية السهلة على / 15ب اللسان ليست ضادا عربية ، بما بيناه من صعوبتها على العجم والترك ونحوهم ممن سوى العرب ، أما على أمثاله من العرب فلا صعوبة فيها ، فأقول قولا منصفا بينا ، لا أنت من ذاك القبيل ولا أنا ، نعم الأعراب الخلص ، وهم سكان مهافي الريح من كل ما صنع قيصوم وشيح يسلم لهم دعوى سهولة لفظها الفصيح ، كيف وقد كان مثل الشاطبي وابن الجزري يصفها بالصعوبة مطلقا ، ونص سيبويه على أنها يتكلف من الجانبين ، وقد أسلفنا في كلام أبي محمد المكي ما يدل على صعوبتها على الأكابر ، فضلا عن الأصاغر ، وقال بعضهم في شرح قول الجعبري في عقود الجمان عن الضاد : واحذر يرى ظاء ، فقد والاه في الخمس الأواخر ، فافرقن بلسان حذرا من أن يتساهل القارئ في خروج الضاد ، فيخرجها من مخرج الظاء ، وإنما نصوا على ذلك ، وحذروا منه دون غيره لأجل صعوبة لفظها على أكثر الفضلاء ، والتباسها على الأكابر العلماء ، وذلك أن مخرج الضاد من إحدى حافتي اللسان ، وما يليه من / الأضراس ، ومخرج الظاء من رأس اللسان ، وأطراف 16أ الثنايا العليا ، وآخر الحافة يلاقي طرف الرأس ، فيشتركان إخراجا من وجه ، ويتجانسان في التفخيم والجهر والاستعلاء والإطباق والرخاوة ، وكثير من السلبيات ولولا استطالة الضاد لكانت ظاء ، وإذا علمت ما بينهما من الاشتراك بما نص عليه العلماء فيهما من الاشتباه ، وتحققت أن من ينطق بالضاد من مخرجه الخاص مع تحصيل صفاتها المميزة لها عن الظاء فهو من أعلى مراتب النطق بها من الفصاحة ودونه من ينطق بها من مخرجها مشوبة بالظاء ، لكن من مخرجها ، وبينهما نوع فرق ، ودونه من ينطق بها ظاء خالصة ، ومن يشمها الزاي ، ومن يجعلها لاما مفخمة ، وكذا من ينطق بالضاد طائية ، فهو من أسفل المراتب النطقية بالنسبة إلى من سبق ذكره ، أعني من ينطق بها من مخرجها المنصوص ، مع تحصيل وصفها المخصوص ، فإنه بدل حرفا بحرف غير موافق له في المخرج ، وغير مشتبه به شديد اشتباه ، كما لا يخفى على العارف بصفاتها ، والقول بصحة صلاة القارئ بها ليس أولى من القول بصحة صلاة من / ينطق بها مشوبة بالظاء ؛ لأن كثيرا 16ب ممن قال من العلماء بصحة صلاة مبدلها علله بالاشتباه بينها وبين حرف من الحروف كالظاء المعجمة ، فلا شك في صحة صلاته بالإجماع ، وهو الذي أقول به وأفعله ، ولا ينبغي أن يظن بي خلاف ذلك .
... وحيث انجر الكلام إلى ذكر الأحكام فلنذكر نبذة لطيفة من أقوال الفقهاء في صلاة من يبدل هذا على مذهب إمامنا الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه ، وبوأه أعلى المنازل الشريفة ، فنقول : ذكر في فتاوى قاضي خان من قرأ المغضوب بالظاء ، أو بالذال تفسد صلاته ، ولو قرأ الضالين بالظاء ، أو بالذال لا تفسد صلاته وبالدال تفسد ، انتهى .
পৃষ্ঠা ১৯