مِنه / ورَبْطُ بعضِهِ ببعضٍ، فكأنَّ هَؤُلَاءِ النِّسوةَ رَبطنَ على الصِّدقِ قولَهُنَّ الظَّاهِرِ، بإخلاصِهِنَّ الباطِنِ.
وقولُهَا في الرِّوايةِ الأُخرى: «تَبَايَعْنَ» مِنْ هذَا المَعنى، وأصلُهُ (^١): مبايَعَةُ الأُمراءِ، وهُوَ تَوَثُّقُهُم مِنَ النَّاسِ، ومُعاهدَتُهُم إيَّاهم على الطَّاعةِ، وأصلُهُ مِنَ البيعِ، وذلِكَ أنَّ المُتبايِعَيْنِ يمدُّ كلُّ واحدٍ منهُما يدَهُ إلى صاحِبِهِ بشَيئِه (^٢). وقِيلَ: بلْ كَانُوا يضرِبُ كلُّ واحدٍ مِنهم بِيَدِ صاحِبِهِ عند التَّبايُعِ، ولهَذا سُمِّيتْ صفْقةً، لإصْفاقِ أيدِيهم بعضُها بِبعضٍ عندها. ولمَّا كانَ الأُمراءُ / يأخُذون عِندَ التَّوَثُّقِ بأيدِي مَنْ عَاهَدوا / وأشْبهَ ذلِك فعلَ المُتبايعَيْن، سُمِّيتْ مُبايعةً لذلك.
غَرِيبُ قوْلِ الأُولَى
«لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ» أيْ: مَهزُولٍ، قال الشَّاعر:
........................... ... فأمسَتْ قُريشٌ قدُ أغثَّ سمِينُها (^٣)
و«الغَثُّ» أيضًا: الفَاسِدُ من الطَّعامِ، ومِنه: الغَثِيثة: وهي المِّدَّة (^٤) التي تجتمع في الجُرحِ (^٥). ويقالُ: غثَّ الطَّعامُ يَغِثُّ، وأغَثَّ.
(^١) في المطبوع: «ومنه».
(^٢) في المطبوع: «بشيء».
(^٣) عجز البيت للفرزدق، وهو من الطويل، وهي الأبيات التي قالَها في خالد بن عبد الله القسري:
سَلُوا خالدًا، لا قدّس اللهُ خالدًا ** متى وليت قسرٌ قريشًا تدينها؟
أقبلَ رسولِ اللهِ أم بعد عهدِه؟ ** فتلك قريشٌ قد أغثّ سمينُها
ينظر: «ديوان الفرزدق» (ص: ٦٣٢)، و«العقد الفريد» (٥/ ١٧٦)، و«الأغاني» (٢٥/ ٧٨١٦ - ٧٨١٧) ط الشعب، و«تاريخ دمشق» (٢٩/ ١٧٥).
(^٤) في المطبوع: «المادة».
(^٥) ينظر: «غريب الحديث» للقاسم بن سلام (٣/ ٢٣٥)، و«تهذيب اللغة» (غ ث) (٨/ ١٤)، و«مقاييس اللغة» (غث) (٤/ ٣٧٩).