مع تمنع، وقد قرأت آثار جان بول وشعر برنتانو وأوقعت على ألحان مندلسن، وفيما كانت خطيبة للشاب موريتز بلانكنبرغ تعرفت بصديقه فون بسمارك أيام رسمه خططا للسياحة في آسية، ومن الطبيعي أن تقع في هواه من غير إقرار ومع حبها بأن يكرمها بدعوتها خطيبة صديقه، ومن قولها: «إن قوامه الممتاز وسناءه البدني والأدبي مما كان يجتذبني على الدوام، ولكنني كنت أشعر بأنني أزلق معه على جليد رقيق قد يثقب في كل حين.» ولا تعرف هذه العاشقة أين هي عندما تكون في حضرته، وهي تحس أنه عبقري حقا، ومن المحتمل أن تشعر بأنه شيطان، وقد يستنبط من اعترافها ذلك وجود بضعة عشر كتابا صبيانيا أرسلتها من بوميرانية فلم تنته إلينا، وذلك هو الكتاب الوحيد الذي وصل إلينا فنرى منه درجة تأثير أوتو بسمارك في فتاة عاشقة كما يجب أيام كان في الثلاثين من سنيه، وبسمارك ذلك قد عد من الشرفاء، فبدا لتلك الغادة في بوميرانية مثل ميفيستوفل
3
غواية.
وهي إذ كانت ابنة بياتي مؤمن حاولت أن تسير أختا له كفتاة تصطاد بصنارة
4
في مرفأ، وهي بعد حديث طويل له معها ومع أمها في تريغلاف تكتب إلى خطيبها قائلة:
لم أسمع قط بوجود شخص يحلل إلحاده أو مذهبه في وحدة الوجود بمثل تلك الحرية والصراحة. وما يساور أوتو من آراء كامدة لا ترضيه فأمر تعرفه، ولا مراء في إخلاصه، وفي هذا ما يشجع إلى الغاية، وهو لا يزال، مع ذلك، ذا خوف أمام ما لديه عن الله من وهم. وهو يذكر جيدا تلك الليلة التي أحياها بآخر صلاة له منقطعا عن ذلك بعدئذ متعمدا. وما يزهو به المؤمنون من أن الحق فيما يعتقدون، ومن عظمة الله الذي لن يبالي بمخلوق حقير مثله، ومن جحوده التام، ومن ميله البعيد إلى الإيمان، ومن عدم اكتراثه للمسرة والألم، ومن غمه الذي لا يسبر غوره، ومن فراغه الذي لا قعر له، فمما يبعده عن العقيدة التي هو عاطل منها في الحقيقة، ومن قوله: إن على الله أن يأخذ بناصيتي أو يدخل الإيمان إلى فؤادي من غير أن أساعد على ذلك أو من غير أن أكون راغبا في ذلك، هو قد كان كثير الهيجان، محمر الوجه حينا بعد حين، ولكن مع عجزه عن الإفلات، هو لم ينصرف، بل داوم على تفاسيره الحارة مع ارتباطه في وعد بالغداء تلبية لدعوة وجهها إليه بعض الجيران. ومن الواضح أن كان أوتو ذا اضطراب مستعذب؛ فقد شعر بنفوذ الحب في نفسه، وأنت تعرف جيدا مقدار ما قد يكون عليه من اللطف وما هو عليه الآن من الأنس. وقد جرى ألف مرة على رأس لساني قولي: أوتو، أوتو! اتخذ حياة جديدة إذن، دع عنك طرق الفسوق إذن!
وتعلم قواعد النصرانية، وتسلح اليوم بمذهب العقليين كما كان عليه في السنة السادسة عشرة من عمره، ولكن مع خيلاء نفس حساسة تأبى كل هم وكل تقدم، وذلك وفق ما كان عليه أيام وظيفته، ومن رأيه أن من شأن الله أن يعيده إلى نفسه كما أن من شأن الملك أن يستدعيه، ثم أصبح من فوره ولدا صالحا، ويعود بعد يومين فيبدو هادئا متأملا رصينا، جزوعا أحيانا.
وتأخذ تلك الفتاة الحسناء المختلجة الصدر بمجامع قلبه، ويجد لذة في كتب يرسلها إليه خطيبها بلانكنبرغ الذي كان مهتديا أيضا، وعن هذه الرسائل يقول كاتبها: «إنها كتبت بحرارة صديق وحماسة نصراني، فتنزل على فؤادك المريض كبرد عريض مع أشرف ما في الدنيا من مقاصد.» ويكتب بلانكنبرغ ثلاث مرات إلى بسمارك فلا ينال جوابا، ولا بد من أن يكون أوتو عازما على الإيمان وقراءة التوراة والاعتراف بما يكن، وماري وراء ذلك على الدوام؛ وذلك لأن مما يثير خيال هذه البنت هو «تلك الصداقة مع عنقاء بوميرانية ذلك الذي يفترض أنه مثال الصولة والغطرسة التام، ولكن مع كبير جاذبية.» وهي حين أرسلت إلى موريتز «زهرة زرقاء فوضعها على صدره مباركا إياها.» أرسلت أيضا زهرة حمراء إلى صديقه أوتو عارفة معنى ذلك جيدا.
ويحل عيد العنصرة فيؤثر الخطيبان فيه عند وجودهما في غيضة،
অজানা পৃষ্ঠা