122

বিসমার্ক

بسمارك: حياة مكافح

জনগুলি

أسنان ضخمة قاسية كالحجر».

وبسمارك كلما زاد دخله زاد توفيره، وبسمارك يصرح بأن عليه أن يوفر كثيرا من راتبه البالغ ثلاثين ألف تالير، فعاد لا يقيم الولائم، وهو لا يكاد يستبقي زائريه للغداء إلا إذا كانوا عنده في الوقت المناسب، وهو يحمل أخاه على إرسال تفاح وبطاطا إليه من بوميرانية بحرا، وهو يعهد إلى برنهارد في مراقبة أمور الري وغيره في أملاكه، وهو يسر لاقتصاده دخله الخاص.

ولا شيء يبهره في روسية أكثر من اتساع المساوف،

7

ولا سيما عند ذهابه إلى القنص، ولا بلد أنسب له - أول وهلة - من ذلك البلد الذي يصطاد فيه الدببة، وأكثر من صداقة القيصر قدرا، ومن هزيمة النمسة في سولفرينو قيمة على ما يحتمل، ذلك الحين الذي «يقبل علي فيه دب جريح واقفا فاغرا فاه، فأدعه يدنو قريبا مني خمسين خطوة فأطلق عيارين ناريين على صدره فأرديه قتيلا، ولا أشعر بخطر دقيقة واحدة، فورائي صائد حامل بندقية أخرى ذات طلقتين. ولا أحد يجاوز تلك الغابات الواسعة. وهنالك أيضا توجد جنات حقيقية للصائدين ومما حدث أن عض إصبعي دب صغير أروضه لأرسله إلى رينفيلد؛ فلذا أبحث عن رفيقة له لأبعدهما إلى بوميرانية.» ويعود من الصيد فيحدث عنه صديقه كودل ويختم قوله عن اعتقاد ب «أن حياة الصائد هي حياة الإنسان الطبيعية»، وفي أويقات كتلك التي يغير الدب عليه فلا يشعر بذعر تبصر ظهور دم الفرسان النهابين عليه، وإذا قابلنا هذا الحادث بما يماثله اعترانا الدهش من كونه رجل عشرة ومن قدرته على تمثيل دور في البلاط.

ومما يسره إلى الغاية أن يرسل إلى أخته فخذ خنزير مقددة، ويعتذر عن المقدار مازحا بقوله: إن هذه الفخذ «من دب صغير لم يبلغ من العمر غير سنة، وقد تجدينها مملحة قليلا، ولكننا نأمل أن تكون من الطراء ما قد يكون عليه الدب.» وتزوره الدوكة الكبرى، ويفك حزمة السيغارات التي تهديها إليه فيقدر ثمن السيغار الواحد بخمسة عشر غروشنا، وتمضي ثلاثون سنة، فيكتب مذكراته، فيذكر فيها أنه عندما يزور القيصرة الوالدة «كان يعد في المطبخ القيصري ثلاثة أعشية لي وعشاءان لسادة السفارة الذين يدعون معي. ويؤتى إلى منزلي ذات يوم بجميع العشاء مع توابعه، ثم يؤخذ ولا أستطيع أن آكل مع رفقائي على مائدة القيصرة في يوم آخر لاضطراري إلى الطعام قريبا من سرير القيصرة المريضة بعيدا من رفقائي.» ولم يعتم أن انتحل لنفسه وضع الأمير الروسي المستبد، فيقول بدم بارد بعد عرض أربعين ألف رجل: «تلك عدة جميلة من الرجال والخيل والجلد.»

وكل شيء هنا على مقياس واسع، حتى «منازعات فرانكفورت تقع هنا على مدى أعظم مما هنالك وأدعى إلى الالتفات. ويلوح ما يقع هنالك من الحقد الاتحادي والسم الرئيس أمرا صبيانيا إذا ما قيس بما يحدث هنا. وعندما نتوجه إلى المنزل فيصرخ على الدرج بالكلمة: «سفير بروسية!» يلتفت إلينا مع ابتسام كريم كما لو شرب أولئك الناس رحيقا قويا.» ومما أثر في بسمارك ما رآه في روسية الناعسة من الاتساع والسلطان والسيادة، وتقوي هذه الانطباعات مناحيه الروسية، وتؤثر في سياسته القادمة، ويظل مقيما على ميوله إلى روسية في السنين الثلاثين المقبلة مع تقلب سياسته العامة بحسب الأحوال، حتى إنه في شيبته يجد في مثل الأقاصيص المذكورة آنفا دليلا على «ما يقوم عليه بأس الروسي من الثبات والعناد تجاه بقية أوروبة.»

وما كان يمازج بسمارك من ركون إلى روسية قلبا وقالبا فلم يكدر بغير عارضين لم يعرض لمثلهما سابقا ولم يعد إلى مثلهما لاحقا. وبيان الأمر أن بسمارك حين وصوله إلى سان بطرسبرغ وجد سكرتيرا ثانيا قواما بشئون السفارة أيام سلفه، ويظهر هذا الرجل عارفا بكل شيء مدركا لكل شيء، ويجلس عدة أيام متكلما عن الأمور مدخنا مع بسمارك، ويود بسمارك بعدئذ أن يملي عليه رسالة مطولة فيجيبه عن ذلك بقوله: «إن مما لا أقدر عليه أن أكتب رسالة يمليها علي سواي.» وما كان كوردفون شلوزر هذا عبقريا ولا رجلا سياسيا، ولكنه كان عالي الثقافة موظفا فاضلا ألمعيا منتسبا إلى أسرة محبة للخير، وكان أصغر من رئيسه الجديد «بسمارك» بسنتين، وكان يشاطر بسمارك صفتين: الشجاعة والعزة، وهو قد رفض لهذا السبب ومن فوره أن يتخذ آلة، وهو قد وجه ذلك الجواب إلى متبوعه بسمارك على طريقة بسمارك.

وماذا يصنع الرئيس تجاه ذلك الوضع غير المألوف؟ هو لم يحدث له مثل ذلك فيما مضى، هو يمكنه في صميم فؤاده أن يحترم شلوزر، ولكنه كان من قلة الحكمة وكثرة الاستبداد ما لا يرى معه بقاء الأمر عند ذلك الحد، بسمارك لم يفعل بشلوزر شيئا إذ ذاك، بسمارك يملي الرسالة على ملحق بالسفارة منتحلا وضع «أحد الباشوات» ذارعا الغرفة ذهابا وإيابا. وتمضي بضعة أيام فيستدعي السكرتير لكتابة رسالة بالأرقام في ساعة مقصودة غير معتادة، ويصل شلوزر بعد ساعة من الوقت المعين، ويجد بسمارك بادئا بالعمل مع الملحق، ويستقبله بسمارك مصعرا

8

অজানা পৃষ্ঠা