(والذي نفسي بيده لو كانت أمه حية فبرها وأحسن إليها، رجوت ألا تطعمه النار أبدًا) .
وعن ابن عباس، قال: بينهما استسقى في حوضه، إذا راكب قد جاء ظمآن، فقال: رد وأورد. قال: فنزل قريبًا وعقل ناقته، فلما رأت الماء دنت إلى الحوض حتى فجرته، فقام الرجل فأخذ سيفًا فضربه حتى قتله، ثم خرج يسأل فلقي رجالًا من أصحاب رسول الله ﷺ، فسألهم، فكلهم يوئسه، حتى أتى رجلًا منهم كان يعني نفسه فقال: هل تستطيع أن تصدره كما أوردته؟ قال: لا. قال: تستطيع أن تبغي نفقًا في الأرض أو سلمًا في السماء؟ قال: لا. قال تستطيع أن تحيا ولا تموت؟ فقام الرجل فمشى غير بعيد، فقال: هل لك والدين؟ قال: أمي حية. قال: (فاحملها وبرها، فإن دخل الآخر النار فأبعد الله من أبعد) .
وعن الحسن، قال: (للوالدة الثلثان من البر، وللوالد الثلث) .
وعن يعقوب العجلي، قال: قلت لعطاء: تحبسني أمي في الليلة المطيرة عن الصلاة في الجماعة، فقال: (أطعها) .
وعن عطاء أن رجلًا أقسمت عليه أمه ألا يصلي إلا الفريضة، ولا يصوم إلا شهر رمضان. قال: (يطيعها) .
وسئل الحسن في رجل حلف عليه أبوه بكذا، وحلفت عليه أمه بكذا - بخلافه؟ قال: (يطيع أمه) .
وعن رفاعة بن إياس، قال: رأيت الحارس العكلي في جنازة أمه يبكي، فقيل له: تبكي؟ قال: (ولم لا أبكي وقد أغلق عن باب من أبواب الجنة)؟ وعن رفاعة بن أياس، قال: لما ماتت أم أياس بن معاوية بكى، فقيل: ما بيكيك؟ قال: (يا رب أوصني. قال: أوصيتك بأمك، فإنها حملتك وهنًا على وهن. قال: ثم بمن؟ قال: بأمك ثم بمن؟ قال: بأمك ثم بأبيك) .
وقال هشام بن حسان: قلت للحسن: إني أتعلم القرأن، وإن أمي تنتظرني بالعشاء، قال الحسن: (تعش العشاء مع أمك تقر به عينها، أحب إلي من حجة تحجها تطوعًا) .
وعن الحسن بن عمرو، قال: سمعت بشر بن الحارث يقول: (الولد بالقرب من أمه حيث تسمع أفضل من الذي يضرب بسيفه في سبيل الله ﷿، والنظر إليها أفضل من كل شيء) .
وعن أبي حازم، قال: قال عمارة: سمعت أبي يقول: (ويحك، أما شعرت أن نظرك إلى والدتك عبادة، فكيف البر بها؟) .
ما يجزي به الولد والديه
عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ، أنه قال: (لا يجزي ولد والديه إلا أن يجدهما مملوكين فيشتريهما فيعتقهما) .
قال الشيخ: ثبت أن الولد إذا اشترى أباه عتق عليه بنفس الشراء، إلا أنه يتلفظ بعتقه هذا مذهب العلماء ما خلا داود.
فللحديث معنيان: أحدهما: أنه أضاف العتق إليه لأنه ثبت بالشراء. والثاني أدق معنى، وهو: أن يكون المراد أن مجازاة الوالد لا تتصور، لأن عتق الإبن له لا يتصور، لأنه بنفس شرائه للأب يعتق، فصار هذا لقوله تعالى: (وَلا يَدخُلونَ الجَنَّةَ حَتّى يَلِجَ الجَمَلُ في سَمِّ الخِيَاطِ) .
ثواب بر الوالدين
وعن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله ﷺ: (بينما ثلاثة رهط يتماشون فأخذهم المطر، فأووا إلى غار في جبل، فبينما هم كذلك إذا انحطت عليهم صخرة، فأطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعضه: أنظروا إلى افضل أعمال عملتموها، فاسألوه بها لعله يفرج عنكم.
فقال أحدهم: اللهم أنه كان لي والدان كبيران، وكانت لي امرأة وأولاد صغار، وكنت أرعى عليهم فإذا أرحت غنمي بدأت بأبوي فسقيتهما فلم آت حتى نام أبوي، فطيبت الإناء ثم حلبت، ثم قمت بحلابي عند رأس أبوي، والصبية يتضاغون - يبكون - عند رجلي أكره أن أبدأ بهم قبل أبوي، وكره أن أوقظهما من نومهما، فلم أزل كذلك قائمًا حتى أضاء الفجر.
اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج لنا فرجة نرى منها السماء، ففرج الله لهم فرجة فرأوا منها السماء، وذكر باقي الحديث.
وعن عائشة ﵂ قالت: قال رسول الله ﷺ: (نمت فرأيتني في الجنة، فسمعت قارئًا يقرأ، فقلت: من هذا؟ قالوا: حارثة بن النعمان) . فقال رسول الله ﷺ: (كذلك البر، فكان أبر الناس بأمه) .
وعن مكحول، قال: قدم وفد الأشعرين على رسول الله ﷺ، فقال:
1 / 4