(وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا) أي: لطيفًا، أحسن ما تجد. وقال سعيد بن المسيب: كقول العبد المذنب للسيد الفظ.
(وَاِخفِض لَهُما جَناحَ الذُلِّ)، من رحمتك إياهما.
ومن بيان حق الوالدين قوله تعالى: (أَنِ اشَكُر لي وَلِوَالِدَيكَ) .
فقرن شكره بشكرهما.
ذكر ما أمرت به السنة من بر الوالدين
عن معاذ بن جبل، قال: أوصاني رسول الله ﷺ، فقال: (لا تعق والديك وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك) .
قال أحمد: حدثني يحيى، عن ابن أبي ذئب، عن خاله الحارث، عن ضمرة، عن عبد الله بن عمر ﵄ قال: (كانت تحتي امرأة كان عمر يكرهها، فقال: طلقها، فأبيت. فأتى عمر النبي ﷺ، فقال لي: (أطع أباك) .
وعن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله ﷺ: (لا تعص والديك وإن أمراك أن تخرج من دنياك فاخرج منها) .
وعن جابر، قال: قال رسول الله ﷺ: (بروا آباءكم تبركم أبناؤكم) .
وقال زيد بن علي بن الحسين لابنه يحيى: (أن الله ﵎ لم يرضك لي فأوصاك بي، ورضيني لك فلم يوصيني بك) .
تقديم بر الوالدين على الجهاد والهجرة
عن عبد الله بن عمرو ﵄ قال: جاء رجل يستأذن النبي ﷺ في الجهاد، فقال: (أحي والداك؟) قال: نعم. قال: (ففيهما فجاهد) .
عن عبد الله بن عمرو ﵄ قال: جاء رجل إلى النبي يبايعه، فقال: جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبوي يبكيان، قال: (فارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما) .
وعن أبي سعيد الخدري، قال: هاجر رجل إلى رسول الله ﷺ من اليمن، فقال له رسول الله ﷺ: (هل باليمن أبواك) . قال: نعم. قال: (أأذنا لك)؟ قال: لا. قال: (ارجع إلى أبويك فأستأذنهما فإن أذنا لك وإلا فبرهما) .
وعن ابن عباس، قال: جاءت امرأة ومعها ابن لها، وهو يريد الجهاد، وهي تمنعه، فقال رسول الله ﷺ: (أقم عندهما، فإن لك من الأجر مثل الذي يريد) .
وعن عبد الله بن عمرو ﵄ قال: جاء رجل إلى رسول الله ﷺ يستأذنه في الجهاد، فقال: (هل من والديك أحد حي؟ قال: أمي قال: انطلق فبرهما) . فانطلق يحل الركاب. فقال: (أن رضى الرب ﷿ في رضى الوالدين) .
هكذا نقل الحديث.
أحب الأعمال إلى الله بر الوالدين
عن أبي عمرو الشيباني، قال: حدثنا صاحب هذه الدار وأشار إلى دار عبد الله بن مسعود - قال: سألت رسول الله ﷺ: (أي العمل أحب إلى الله ﷿؟ قال: الصلاة لوقتها) . قلت: ثم أي؟ قال: (بر الوالدين) . قلت: ثم أي؟ قال: (الجهاد في سبيل الله) .
البر يزيد في العمر
عن سهل بن معاذ، عن أبيه، قال: قال رسول الله ﷺ: (من بر والديه طوبى له وزاد الله في عمره) .
وعن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، عن النبي ﷺ أنه قال: (يا بن آدم، بر والديك، وصل رحمك، ييسر لك أمرك، ويمد لك في عمرك، وأطع ربك تسمى عاقلًا، ولا تعصمه تسمى جاهلًا) .
وعن سلمان، قال: قال رسول الله ﷺ: (لا يزيد في العمر إلا البر) .
وعن ثوبان نحوه.
وعن أنس ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (من أحب أن يمد الله في عمره، ويزيد في رزقه فليبر والديه وليصل رحمه) .
كيفة بر الوالدين
برهما يكو بطاعتهما فيما يأمران به ما لم يكن بمحظور، وتقديم أمرهما على فعل النافلة، والاجتناب لما نهيا عنه، والإنفاق عليهما، والتوخي لشهواتهما، والمبالغة في خدمتهما، واستعمال الأدب والهيبة لهما، فلا يرفع الولد صوته، ولا يحدق إليهما، ولا يدعوهما باسمهما، ويمشي وراءهما، ويصبر على ما يكره مما يصدر منهما.
سمعت طلق بن علي، يقول: قال رسول الله ﷺ: (لو أدركت والدي أو أحدهما وقد افتتحت الصلاة، فقرأت فاتحد الكتاب؛ فقال: يا محمد، لقلت: لبيك) .
وعن أبي غسان الضبي أنه خرج يمشي بظهر الحرة وأبوه يمشي خلفه، فلحقه أبو هريرة، فقال: من هذا الذي يمشي خلفك؟ قلت: أبي قال:
1 / 2