বেঞ্জামিন ফ্রাঙ্কলিন
بنجامين فرنكلين
জনগুলি
إن الرجال الهنود في صغرهم صيادون ومقاتلون، وهم في كبرهم نصحاء مستشارون؛ لأن أمور الحكم كلها تجري بينهم وفاقا لمشورة الحكماء؛ فلا سلطة ولا سجون ولا شرطة تكرههم على الطاعة، ولهذا تراهم يمارسون صناعة الكلام، فأبلغهم أكبرهم نفوذا بين قومه.
والنساء الهنديات يحرثن الأرض، ويطهون الطعام، ويرضعن الأطفال ويربينهم، ويحفظن للخلف مأثورات السلف.
وهذه الشواغل التي يشتغل بها الرجال والنساء معدودة بينهم من الأمور الفطرية الموقرة. وهم - لقلة مطالبهم الصناعية - يجدون متسعا من الوقت لتهذيب المحادثة والسمر، وينظرون إلى أسلوبنا المجهد في المعيشة نظرتهم إلى ضعة الرق والخسة، كما ينظرون إلى التعليم الذي نفخر به كأنه تفاهة وعبث بغير جدوى، وقد شهدنا مثلا على ذلك في معاهدة لانكستر ببنسلفانيا سنة 1744 بين حكومة فرجينيا، والأمم الست الهندية. فبعد التفاهم على المسائل الهامة أبلغ المندوبون عن حكومة فرجينيا جماعة الهنود مشافهة أن في وليامبرج كلية ذات رصيد مخصص لتعليم أبناء الهنود، وأن رؤساء الأمم الست إذ راقهم أن يرسلوا إلى الكلية فئة من أبنائهم - ستة مثلا - فالحكومة هناك على استعداد للعناية بهم وتوفير لوازمهم وتعليمهم كل ما يتعلمه أبناء البيض.
ومن آداب الهنود المرعية أنهم لا يجيبون مقترحا عاما لساعته؛ إذ يرون في ذلك شيئا من الاستخفاف به، وأنه غير جدير منهم بالبحث والمراجعة، ويستمهلون المقترح ريثما ينظرون فيه ليدلوا بذلك على اهتمامهم بأمره، ووفاقا لهذا العرف طلبوا المهلة لليوم التالي كي يجيبوا عن ذلك الاقتراح، فلما كان الموعد أعرب مدرة القوم عن شعورهم العميق بلطف الحكومة الفرجينية في عرض تلك المنحة الكريمة؛ لأنه يعلم أن البيض يكبرون شأن التعليم في الكلية، وأن توفير المطالب لأبناء الهنود في تلك الكلية يكلفها كثيرا من النفقة، وأن الاقتراح - ولا شك - ينم على حب الخير، ويستوجب منهم الشكر الجزيل.
قال: إلا أنكم - بما لكم من الحكمة والخبرة - تعلمون أن الأمم المختلفة تختلف في النظر إلى الأشياء وتقديرها، وإنكم لا تلوموننا إذا كانت آراؤنا في ذلك النمط من التعليم لا يتفق لها أن تطابق آراءكم. وقد بلونا ذلك بعض الشيء منذ سنوات حيث تخرج نفر من شبابنا من كليات الشمال وحذقوا فيها جميع علومكم، ثم عادوا إلينا لا يحسنون العدو، ولا يعرفون شيئا عن الحياة في الغابات، ولا طاقة لهم بالصبر على البرد والجوع، ولا دراية لهم ببناء كوخ أو اقتناص غزال أو الغلبة على عدو، وقد ساء نطقهم بلغاتنا فلا هم قادة مقاتلون، ولا هم نصحاء مستشارون، ولا هم على الجملة صالحون لأمر من الأمور.
على أننا لا نبخسكم حقكم من الشكر على منحتكم الكريمة لأننا لم نتقبلها، ولكي نعرب عن شعورنا بها، نقترح على السادة الفرجينيين أن يرسلوا إلينا نحو اثني عشر من أبنائهم نعنى بهم، ونعلمهم على نهجنا وندربهم على كل ما تدربنا عليه، ونخرج منهم رجالا أشداء.
والهنود - لتعودهم عقد المجالس والمجتمعات للمشاورة - قد كسبوا القدرة على حظ عظيم من النظام واللباقة في إدارتها. فيجلس الشيوخ في الصف الأول، ويجلس المقاتلون في الصف الثاني، ويجلس خلفهم النساء والأطفال، وعمل النساء في هذه المؤتمرات أن يعلقن في ذاكرتهن كل ما يجري وكل ما يقال فيها ويحفظنه تراثا للأبناء؛ لأنهم لا يعرفون الكتابة.
فالنساء سجلات المؤتمرات، يحفظن من شروط المعاهدات ما قد مضى عليه مائة سنة، ونقارن بينه وبين المكتوب عندنا، فنرى أنه مطابق له كل المطابقة.
وصاحب الدور في الكلام عندهم ينهض قائما، فيصغي إليه المستمعون في صمت وسكون، ومتى فرغ من كلامه وجلس مكانه تركوه بضع دقائق يتذكر ويتأنى لعله أن يكون قد نسي شيئا أو خطر له بعد الجلوس ما يستدركه من مقاله فينهض ثانية ويقول ما أراد، وإنهم ليحسبون المقاطعة - حتى في المحادثة الدارجة - غاية من سوء الأدب والنبو عن المجاملة. فما أبعد هذا مما نشاهده من نظام المناقشة في المجلس المهذب مجلس النواب البريطاني؛ إذ يندر أن يمضي يوم دون أن يعرض فيه ضرب من الاختلاط يبح صوت الرئيس وهو ينبه المتناقشين فيه إلى النظام. وما أبعد هذا مما يحدث في كثير من الجماعات المهذبة على القارة الأوروبية! إذ تحس أنك مضطر إلى إتمام عبارتك على عجل، وإلا قاطعك في وسطها أولئك الذين يحادثونك ولا صبر لهم على كبح لجاجتهم في الحديث، ثم لا يتاح لك أن تعود ثانية إلى إتمامها.
والحق أن مجاملات الحديث عند هؤلاء القوم قد بلغت حد الإفراط؛ لأنها لا تسمح لهم بمناقضة كلام يسمعونه أو تفنيده، وهم بذلك يتجنبون المنازعات، ولكنهم لا يظهرون لك حقيقة ما يريدون، ولا يعربون عن أثر لكلامك في نفوسهم، وقد طالما شكا المرسلون المبشرون من هذه العادة، وعدوها إحدى العقبات الكبار في طريق رسالتهم. فإن الهنود ليستمعون في صبر وأناة إلى حقائق الكتاب التي تشرح لهم ويردون عليها ردودهم المعهودة من علامات الموافقة والاستحسان، ويخطر لك أنهم قد آمنوا وصدقوا ولا شيء من ذلك هناك، وإنما هي مجاملات وتقاليد. •••
অজানা পৃষ্ঠা